وقال صاحب الفرائد: الوجه أن يقال والله تعالى أعلم المراد الناس وغيرهم وهو على طريقة تغليب الحاضر على الغائب وأولي العلم على غيرهم، وهو بعيد جدا.
وقال العلامة الطيبي : الذي يقتضيه النظم الجليل أن يحمل التعريف في الناس على العهد وفي الفقراء على الجنس لأن المخاطبين هم الذي خوطبوا في قوله تعالى: ذلكم الله ربكم له الملك الآية، أي ذلكم المعبود هو الذي وصف بصفات الجلال لا الذين تدعون من دونه، وأنتم أشد الخلائق احتياجا إليه عز وجل، ولا يخلو عن حسن.
والله هو الغني عن كل شيء لا غيره الحميد المنعم على جميع الموجودات المستحق بإنعامه سبحانه للحمد، وأصله المحمود وأريد به ذلك على طريق الكناية ليناسب ذكره بعد فقرهم، إذ الغني لا ينفع الفقير إلا إذا كان جوادا منعما، ومثله مستحق للحمد، وهذا كالتكميل لما قبله كما في قول كعب الغنوي:
حليم إذا ما الحلم زين أهله مع الحلم في عين العدو مهيب
ويدخل في عموم المستغنى عنه المخاطبون وعبادتهم، وفي كلام الطيبي رائحة التخصيص حيث قال: ما سمعت [ ص: 184 ] نقله وهو سبحانه غني عنكم وعن عبادتكم لأنه تعالى حميد له عباد يحمدونه وإن لم تحمدوه أنتم، والأولى التعميم.
وما روي في سبب النزول من أنه لما كثر من النبي صلى الله عليه وسلم الدعاء وكثر الإصرار من الكفار قالوا لعل الله تعالى محتاج لعبادتنا فنزلت لا يقتضي شيئا من التخصيص في الآية كما لا يخفى.