أنا القرآن والسبع المثاني وروح الروح لا روح الأواني
ولا أحد أكمل من النبي عليه الصلاة والسلام، وطبق بعضهم قصة أهل أنطاكية على ما في الأنفس بجعل القرية إشارة إلى القلب، وأصحابها إشارة إلى النفس وصفاتها، والاثنين إشارة إلى الخاطر الرحماني والإلهام الرباني، والثالث المعزز به إشارة إلى الجذبة، والرجل الجائي من أقصى المدينة إشارة إلى الروح، وطبق كثير من آيات هذه السورة [ ص: 64 ] على هذا الطرز، وقيل: في قوله سبحانه طائركم معكم إنه إشارة إلى استعدادهم السيء الذي طار بهم عنقاء مغربة:
إلى حيث ألقت رحلها أم قشعم
وقيل: في أصحاب الجنة في قوله تعالى: إن أصحاب الجنة اليوم في شغل فاكهون هم وأزواجهم في ظلال على الأرائك متكئون إنه إشارة إلى طائفة من المؤمنين كان الغالب عليهم في الدنيا طلب الجنة؛ ولذا أضيفوا إليها وهم دون أهل الله تعالى وخاصته الذين لم يلتفتوا إلى شيء سواه عز وجل، فأولئك مشغولون بلذائذ ما طلبوه، وهؤلاء جلساء الحضرة المشغولون بمولاهم جل شأنه المتنعمون بوصاله ومشاهدة جماله، وفرق بين الحالين وشتان ما بين الفريقين، ولذا قيل: أكثر أهل الجنة البله فافهم الإشارة.
والشيطان في قوله تعالى ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان إشارة إلى كل ما يطاع ويذل له غير الله - عز وجل - كائنا ما كان وعداوته لما أنه سبب الحجاب عن رب الأرباب، وفي قوله تعالى فلا يحزنك قولهم إنا نعلم ما يسرون وما يعلنون إشارة إلى أنه لا ينبغي الاكتراث بأذى الأعداء والالتفات إليه، فإن الله تعالى سيجازيهم عليه، إذا أوقفهم بين يديه. هذا، ونسأل الله تعالى أن يحفظنا من شر الأشرار، وأن ينور قلوبنا بمعرفته كما نور قلوب عباده الأبرار ونصلي ونسلم على حبيبه قلب جسد الأعيان وعلى آله وصحبه ما دامت سورة يس قلب القرآن.