احشروا الذين ظلموا خطاب من الله تعالى للملائكة أو من الملائكة بعضهم لبعض.
أخرج عن ابن أبي حاتم رضي الله تعالى عنهما تقول الملائكة للزبانية: احشروا إلخ، وهو أمر بحشر الظالمين من أماكنهم المختلفة إلى موقف الحساب وقيل من الموقف إلى الجحيم، والسباق والسياق يؤيدان الأول ابن عباس وأزواجهم أخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وابن منيع في مسنده وصححه وجماعة من طريق والحاكم النعمان بن بشير عن رضي الله تعالى عنه أنه قال: أزواجهم أمثالهم الذين هم مثلهم، يحشر أصحاب الربا مع أصحاب الربا، وأصحاب الزنا مع أصحاب الزنا، وأصحاب الخمر مع أصحاب الخمر. وأخرج جماعة عن عمر بن الخطاب في لفظ أشباههم وفي آخر نظراءهم. وروي تفسير [ ص: 80 ] الأزواج بذلك أيضا عن ابن عباس ابن جبير ومجاهد ، وأصل الزوج المقارن كزوجي النعل فأطلق على لازمه وهو المماثل. وجاء في رواية عن وعكرمة أنه قال: أي نساءهم الكافرات، ورجحه ابن عباس وقيل قرناءهم من الشياطين، وروي هذا عن الرماني. . والواو للعطف وجوز أن تكون للمعية. وقرأ الضحاك عيسى بن سليمان الحجازي "وأزواجهم" بالرفع عطفا على ضمير ظلموا - على ما في البحر - أي وظلم أزواجهم.
وأنت تعلم ضعف العطف على الضمير المرفوع في مثله، والقراءة شاذة " وما كانوا يعبدون من دون الله " من الأصنام ونحوها، وحشرهم معهم لزيادة التحسير والتخجيل، وما قيل عام في كل معبود حتى الملائكة والمسيح وعزير - عليهم السلام - لكن خص منه البعض بقوله تعالى إن الذين سبقت لهم منا الحسنى الآية.
وقيل ما كناية عن الأصنام والأوثان فهي لما لا يعقل فقط؛ لأن الكلام في المشركين عبدة ذلك، وقيل ما على عمومها والأصنام ونحوها غير داخلة؛ لأن جميع المشركين إنما عبدوا الشياطين التي حملتهم على عبادتها، ولا يناسب هذا تفسير " أزواجهم " بقرنائهم من الشياطين، ومع هذا التخصيص أقرب، وفي هذا العطف دلالة على أن الذين ظلموا المشركون وهم الأحقاء بهذا الوصف فإن الشرك لظلم عظيم فاهدوهم إلى صراط الجحيم فعرفوهم طريقها وأروهم إياه، والمراد بالجحيم النار ويطلق على طبقة من طبقاتها وهو من الجحمة شدة تأجج النار، والتعبير بالصراط والهداية للتهكم بهم