أتقتلني والمشرفي مضاجعي ومسنونة زرق كأنياب أغوال
فشبه بأنياب الأغوال وهي نوع من الشياطين ولم يرها لما ارتسم في خياله، وعلى عكس هذا تشبيههم الصورة الحسنة بالملك وذلك أنهم اعتقدوا فيه أنه خير محض لا شر فيه فارتسم في خيالهم بأحسن صورة، وعليه قوله تعالى: ما هذا بشرا إن هذا إلا ملك كريم وبهذا يرد على بعض الملاحدة حيث طعن في هذا التشبيه بأنه تشبيه بما لا يعرف، وحاصله أنه لا يشترط أن يكون معروفا في الخارج بل يكفي كونه مركوزا في الذهن والخيال.
وحمل التشبيه في الآية على ما ذكر هو المروي عن ابن عباس وغيرهما، وزعم ومحمد بن كعب القرظي أن الشياطين حين يدخلون النار تشوه صورهم جدا وتستبشع أعضاؤهم، فالمراد كأنه رءوس الشياطين [ ص: 96 ] الذين في النار، وفيه أن التشبيه عليه أيضا غير معروف في الخارج عند النزول، وقيل: رءوس الشياطين شجرة معروفة تكون بناحية اليمن منكرة الصورة يقال لها الأستن وإياها عنى الجبائي بقوله: النابغة
تحيد عن أستن سود أسافله مثل الإماء الغوادي تحمل الحزما
قال : ويقال لها الصوم وأنشد: الأصمعي
موكل بشدوف الصوم يرقبه من المغارب مهضوم الحشا زرم
وقيل: الشياطين جنس من الحيات ذوات أعراف، وأنشد : الفراء
عجيز تحلف حين أحلف كمثل شيطان الحماط أعرف
أي له عرف، وأنشد : المبرد
وفي البقل إن لم يدفع الله شره شياطين يعدو بعضهن على بعض