وفديناه بذبح بحيوان يذبح بدله عظيم قيل: أي عظيم الجثة سمين، وهو كبش أبيض أقرن أعين وفي رواية: أملح بدل أبيض، وعن أنه وعل أهبط عن ثبير، والجمهور على الأول ووافقهم الحسن في رواية رواها عنه الحسن وفيها أن اسمه حرير، واليهود على أنه كبش أيضا. وفسر المعظم العظيم بعظيم القدر [ ص: 132 ] وذلك على ما روي عن ابن أبي حاتم لأنه الكبش الذي قربه ابن عباس هابيل فتقبل منه وبقي يرعى في الجنة إلى يوم هذا الفداء، وفي رواية عنه وعن أنهما قالا: عظمه كونه من كباش الجنة رعى فيها أربعين خريفا. ابن جبير
وقال وصف بالعظم لأنه متقبل يقينا، وقال مجاهد الحسن بن الفضل: لأنه كان من عند الله عز وجل، وقال أبو بكر الوراق: لأنه لم يكن عن نسل بل عن التكوين، وقال عمرو بن عبيد: لأنه جرت السنة به وصار دينا باقيا آخر الدهر، وقيل لأنه فدي به نبي وابن نبي، وهبوطه من ثبير، كما قال في الوعل، وجاء ذلك في رواية عن الحسن . ابن عباس
وفي رواية عن كرم الله تعالى وجهه أنه وجده - عليه السلام - قد ربط بسمرة في أصل ثبير . علي
وعن عطاء بن السائب أنه قال: كنت قاعدا بالمنحر فحدثني قرشي عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: إن الكبش نزل على إبراهيم في هذا المكان.
وفي رواية عن أنه خرج عليه كبش من الجنة قد رعى فيها أربعين خريفا فأرسل ابن عباس إبراهيم - عليه السلام - ابنه واتبعه فرماه بسبع حصيات وأحرجه عند الجمرة الأولى فأفلت، ورماه بسبع حصيات وأحرجه عند الجمرة الوسطى فأفلت، ورماه بسبع حصيات وأحرجه عند الجمرة الكبرى فأتى به المنحر من منى فذبح، قيل: وهذا أصل سنية رمي الجمار، والمشهور أن أصل السنية رمي الشيطان هناك، ففي خبر عن أن الشيطان أراد أن يصيب حاجته من قتادة إبراهيم وابنه يوم أمر بذبحه فتمثل بصديق له، فأراد أن يصده عن ذلك فلم يتمكن، فتعرض لابنه فلم يتمكن، فأتى الجمرة فانتفخ حتى سد الوادي ومع إبراهيم ملك فقال له: ارم يا إبراهيم! فرمى بسبع حصيات يكبر في أثر كل حصاة، فأفرج له عن الطريق ثم انطلق حتى أتى الجمرة الثانية فسد الوادي أيضا، فقال الملك: ارم يا إبراهيم! فرمى كما في الأولى، وهكذا في الثالثة، وظاهر الآية أن الفداء كان بحيوان واحد وهو المعروف. وأخرج عن عبد بن حميد أنه فدي بكبشين أملحين أقرنين أعينين، ولا أعرف له صحة، ويراد بالذبح - عليه، لو صح - الجنس، والفادي على الحقيقة إبراهيم عليه السلام، وقال سبحانه: (فديناه) على التجوز في الفداء، أي أمرنا أو أعطينا، أو في إسناده إليه تعالى، وجوز أن يكون هناك استعارة مكنية أيضا، وفائدة العدول عن الأصل التعظيم.
ابن عباس