وليس يضير البعد بين جسومنا إذا كان ما بين القلوب قريبا
ووجه ترتب المعطوف على ما قبل كوجه ترتب المعطوف عليه، فإن كونه تعالى رب السماوات والأرض، وتلك الخلائق العظيمة كما دل على وحدته تعالى وقدرته - عز وجل - دال على تنزهه سبحانه عن الولد، ألا ترى إلى قوله جل شأنه: بديع السماوات والأرض أنى يكون له ولد ، والمناسبة بين الرد على منكري البعث [ ص: 150 ] والرد على مثبتي الولد ظاهرة، وقد اتحد في الجملتين السائل والمسؤول، والأمر، وجوز بعضهم كون ضمير (استفتهم) للمذكورين من الرسل - عليهم السلام - والبواقي لقريش ، والمراد الاستفتاء ممن يعلم أخبارهم ممن يوثق بهم، ومن كتبهم وصحفهم، أي ما منهم أحد إلا وينزه الله تعالى عن أمثال ذلك حتى يونس - عليه السلام - في بطن الحوت، ولعمري إن الرجل قد بلغ الغاية من التكلف من غير احتياج إليه، ولعله لو استغنى عن ارتكاب التجوز بالتزام كون الاستفتاء من المرسلين المذكورين حيث يجتمع رسول الله صلى الله عليه وسلم معهم اجتماعا روحانيا كما يدعيه لنفسه الشيخ محيي الدين قدس سره مع غير واحد من الأنبياء - عليهم السلام - ويدعي أن الأمر بالسؤال المستدعي للاجتماع أيضا في قوله تعالى: واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون على هذا النمط لكان الأمر أهون، وإن كان ذلك منزعا صوفيا.
وأضيف الرب إلى ضميره - عليه الصلاة والسلام - دون ضميرهم تشريفا لنبيه صلى الله عليه وسلم، وإشارة إلى أنهم في قولهم بالبنات له - عز وجل - كالنافين لربوبيته سبحانه لهم،