ولكل من الفريقين المذكورين في قوله تعالى: أولئك الذين نتقبل عنهم وفي قوله سبحانه: أولئك الذين حق عليهم القول وإن شئت فقل في الذين قالوا ربنا الله والذي قال لوالديه أف درجات مما عملوا أي من جزاء ما عملوا، فالكلام بتقدير مضاف، والجار والمجرور صفة ( درجات ) و ( من) بيانية أو ابتدائية و (ما) موصولة أي من الذي عملوه من الخير والشر أو مصدرية أي من عملهم الخير والشر، ويجوز أن تكون (من) تعليلية بدون تقدير مضاف والجار والمجرور كما تقدم. والدرجات جمع درجة وهي نحو المنزلة لكن يقال للمنزلة درجة إذا اعتبرت بالصعود ودركا إذا اعتبرت بالحدور، ولهذا قيل: درجات الجنة ودركات النار.
[ ص: 22 ] والتعبير بالدرجات كما قال غير واحد على وجه التغليب لاشتمال (كل) على الفريقين أي لكل منازل ومراتب سواء كانت درجات أو دركات، وإنما غلب أصحاب الدرجات لأنهم الأحقاء به لا سيما، وقد ذكر جزاؤهم مرارا وجزاء المقابل مرة وليوفيهم أعمالهم أي جزاء أعمالهم والفاعل ضميره تعالى. وقرأ الأعمش والأعرج وشيبة والأخوان وأبو جعفر وابن ذكوان بخلاف عنه (لنوفيهم) بنون العظمة، وقرأ ونافع السلمي بتاء فوقية على الإسناد للدرجات مجازا وهم لا يظلمون بنقص ثواب وزيادة عقاب، وقد مر الكلام في مثله غير مرة. والجملة حال مؤكدة للتوفية أو استئناف مقرر لها، واللام متعلقة بمحذوف مؤخر كأنه قيل: وليوفيهم أعمالهم ولا يظلمهم فعل ما فعل من تقدير الأجزية على مقادير أعمالهم فجعل الثواب درجات والعقاب دركات.