أفمن كان على بينة من ربه تقرير لتباين حال الفريقين المؤمنين والكافرين وكون الأولين في أعلى عليين والآخرين في أسفل سافلين وبيان لعلة ما لكل منهما من الحال، والهمزة لإنكار استوائهما أو لإنكار كون الأمر ليس كما ذكر، والفاء للعطف على مقدر يقتضيه المقام وقد قرئ بدونها، و (من) عبارة عن المؤمنين المتمسكين بأدلة الدين كما أنها في قوله تعالى: كمن زين له سوء عمله عبارة عن أضدادهم من المشركين.
وأخرج جماعة عن أن ( من كان على بينة من ربه ) هو رسول الله صلى الله عليه وسلم و ( من زين له سوء عمله ) هم المشركون، وروي عن ابن عباس نحوه وإليه ذهب قتادة . وتعقب بأن التخصيص لا يساعده النظم الكريم ولا داعي إليه، قيل: ومثله كون (من) الأول عبارة عنه صلى الله تعالى عليه وسلم وعن المؤمنين، والمعنى أيستوي الفريقان أو أليس الأمر كما ذكر فمن كان ثابتا على حجة ظاهرة وبرهان نير من مالك أمره ومربيه وهو القرآن العظيم وسائر المعجزات والحجج العقلية كمن زين له الشيطان عمله السيئ من الشرك وسائر المعاصي كإخراجك من قريتك مع كون ذلك في نفسه أقبح القبائح الزمخشري واتبعوا في ذلك العمل السيئ، وقيل: بسبب ذلك التزيين أهواءهم الزائغة من غير أن يكون لهم شبهة توهم صحة ما هم عليه فضلا عن حجة تدلك عليها. وجمع الضميرين الأخيرين باعتبار معنى (من) كما أن إفراد الأولين باعتبار لفظها.