إذ جعل الذين كفروا منصوب بـ اذكر على المفعولية أو- بـ عذبنا- على الظرفية أو- بـ صدوكم- كذلك ، وقيل : بمضمر هو أحسن الله تعالى إليكم . وأيا ما كان . فالذين . فاعل ( جعل ) ووضع الموصول موضع ضميرهم لذمهم بما في حيز الصلة وتعليل الحكم به ، والجعل إما بمعنى الإلقاء فقوله تعالى : في قلوبهم الحمية متعلق به أو بمعنى التصيير فهو متعلق بمحذوف هو مفعول ثان له أي جعلوا الحمية راسخة في قلوبهم ولكونها مكتسبة لهم من وجه نسب جعلها إليهم ، وقال : النيسابوري
يجوز أن يكون فاعل ( جعل ) ضمير الله تعالى ( وفي قلوبهم ) بيان لمكان الجعل ومآل المعنى إذ جعل الله في قلوب الذين كفروا الحمية وهو كما ترى ، والحمية الأنفة يقال : حميت عن كذا حمية إذا أنفت منه وداخلك عار منه .
وقال : عبر عن القوة الغضبية إذا ثارت وكثرت بالحمية فقيل : حميت على فلان أي غضبت عليه ، وقوله تعالى : الراغب حمية الجاهلية بدل من الحمية أي حمية الملة الجاهلية أو الحمية الناشئة من الجاهلية لأنها بغير حجة وفي غير موضعها ، وقوله تعالى : فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين عطف على ( جعل ) على تقدير جعل ( إذ ) معمولا لـ اذكر ، والمراد تذكير حسن صنيع الرسول عليه الصلاة والسلام والمؤمنين بتوفيق الله تعالى وسوء صنيع المشركين وعلى ما يدل عليه الجملة الامتناعية على تقدير جعلها ظرفا لـ ( عذبنا ) . كأنه قيل : فلم يتزيلوا فلم نعذب فأنزل إلخ ، وعلى مضمر عامل فيها على الوجه الأخير المحكي ويكون هذا كالتفسير لذاك ، وأما على جعلها ظرفا – لـ صدوكم - فقيل : العطف على ( جعل ) وقيل : على صدوكم وهو نظير الطائر فيغضب زيد الذباب والأولى من هذه الأوجه لا يخفى ، والسكينة الاطمئنان والوقار ،
روى غير واحد الحديبية حتى إذا كان بذي الحليفة قلد الهدي وأشعره وأحرم بالعمرة وبعث بين يديه عينا من خزاعة يخبره عن قريش وسار عليه الصلاة والسلام حتى كان بغدير الأشطاط قريبا من عسفان أتاه عينه فقال : إن قريشا جمعوا لك جموعا وقد جمعوا لك الأحابيش وهم مقاتلوك وصادوك عن البيت فاستشار الناس في الإغارة على ذراري من أعانهم فقال : الله تعالى ورسوله أعلم يا نبي الله إنما جئنا معتمرين ولم نجئ لقتال أحد ولكن من حال بيننا وبين البيت قاتلناه فقال صلى الله تعالى عليه وسلم : أبو بكر
امضوا على اسم الله فسار حتى نزل بأقصى الحديبية فجاءه بديل بن ورقاء الخزاعي في نفر من قومه فقال له: إني قد تركت كعب بن لؤي ، وعامر بن لؤي نزلوا قريبا معهم العوذ المطافيل وهم مقاتلوك وصادوك عن البيت فقال عليه الصلاة والسلام : إنا لم نجئ لقتال أحد ولكن معتمرين وإن قريشا قد نهكتهم الحرب وأضرت بهم فماذا عليهم لو خلوا بيني وبين سائر العرب فإن هم أصابوني كان ذلك الذي أرادوا وإن أظهرني الله تعالى [ ص: 117 ] عليهم دخلوا في الإسلام وافرين وإن لم يفعلوا قاتلتهم وبهم قوة فما تظن قريش فو الله لا أزال أجاهدهم على الذي بعثني الله تعالى به حتى يظهره الله تعالى أو تنفرد هذه السالفة فقال بديل : سأبلغهم ما تقول فبلغهم فقال عروة بن مسعود الثقفي لهم : دعوني آته فأتاه عليه الصلاة والسلام فقال له نحو ما قال لبديل وجرى من الكلام ما جرى ورأى من احترام الصحابة رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وتعظيمهم إياه ما رأى فرجع إلى أصحابه فأخبرهم بذلك وقال لهم : إنه قد عرض عليكم خطة رشد فاقبلوها فقال رجل من بني كنانة : دعوني آته فلما أشرف على النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وأصحابه قال عليه الصلاة والسلام : هذا فلان وهو من قوم يعظمون البدن فابعثوها له فبعثت واستقبله القوم يلبون فلما رأى ذلك قال : سبحان الله ما ينبغي لهؤلاء أن يصدوا عن البيت فرجع وأخبر أصحابه فقال رجل يقال له: مكرز بن حفص : دعوني آته فلما أشرف قال عليه الصلاة والسلام : هذا مكرز وهو رجل فاجر فجعل يكلم النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فبينما هو يكلمه إذ جاء سهيل بن عمرو أخو بني عامر بن لؤي فقال صلى الله تعالى عليه وسلم : قد سهل لكم من أمركم وكان قد بعثه قريش وقالوا له : ائت محمدا فصالحه ولا يكن في صلحه إلا أن يرجع عنا عامه هذا فو الله لا تتحدث العرب أنه دخلها علينا عنوة أبدا فلما انتهى إليه عليه الصلاة والسلام تكلم فأطال وانتهى الأمر إلى الصلح وكتابة كتاب في ذلك فدعا النبي صلى الله تعالى عليه وسلم كرم الله تعالى وجهه فقال : اكتب بسم الله الرحمن الرحيم فقال عليا سهيل : لا أعرف هذا ولكن اكتب باسمك اللهم فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم : اكتب باسمك اللهم فكتبها ثم قال : اكتب هذا ما صالح عليه محمد رسول الله سهيل بن عمرو فقال سهيل : لو كنا نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت ولا قاتلناك ولكن اكتب اسمك واسم أبيك فقال عليه الصلاة والسلام : والله إني لرسول الله وإن كذبتموني اكتب هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله سهيل بن عمرو صلحا على وضع الحرب عن الناس عشر سنين يأمن فيهن الناس ويكف بعضهم عن بعض على أنه من أتى محمدا من قريش بغير إذن وليه رده عليهم ومن جاء قريشا ممن مع محمد لم يردوه عليه وإن بيننا عيبة مكفوفة وأنه لا إسلال ولا إغلال وأنه من أحب أن يدخل في عقد محمد وعهده دخل فيه ومن أحب أن يدخل في عقد قريش وعهدهم دخل فيه وأن محمدا يرجع عن مكة عامه هذا فلا يدخلها وأنه إذا كان عام قابل خرج أهل مكة فدخلها بأصحابه فأقام بها ثلاثا معه سلاح الراكب السيوف في القرب لا يدخلها بغيرها . أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم خرج بمن معه إلى
وظاهر هذا الخبر سهيلا لم يرض أن يكتب محمد رسول الله قبل أن يكتب، وجاء في رواية أنه كتب فلم يرض فقال النبي عليه الصلاة والسلام كرم الله تعالى وجهه : امحه فقال : ما أنا بالذي أمحاه ، لعلي وجاء هذا في رواية أن للبخاري ، ولمسلم وفي رواية للبخاري في المغازي محمد بن عبد الله ، وكذا فأخذ رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم الكتاب وليس يحسن يكتب فكتب هذا ما قاضى عليه
أخرجه النسائي ولفظه فأخذ الكتاب وليس يحسن أن يكتب فكتب مكان رسول الله هذا ما قاضى عليه وأحمد محمد بن عبد الله
، وتمسك بظاهر هذه الرواية كما في فتح الباري أبو الوليد الباجي على أن النبي عليه الصلاة والسلام كتب بعد أن لم يكن يحسن أن يكتب ووافقه على ذلك شيخه أبو ذر الهروي . وأبو الفتح النيسابوري وآخرون من علماء إفريقية ، والجمهور على أنه عليه الصلاة والسلام لم يكتب ، وأن قوله : وأخذ الكتاب وليس يحسن أن يكتب لبيان أنه عليه الصلاة والسلام احتاج لأن يريه كرم الله تعالى وجهه موضع الكلمة التي امتنع من محوها لكونه كان لا يحسن الكتابة ، وقوله : فكتب بتقدير فمحاها فأعاد الكتاب علي فكتب أو أطلق فيه كتب على أمر بالكتابة ، وتمام الكلام [ ص: 118 ] في محله فكانت حميتهم على ما في الدر المنثور عن جماعة أنهم لم يقروا أنه صلى الله تعالى عليه وسلم رسول ولم يقروا ببسم الله الرحمن الرحيم وحالوا بين المسلمين والبيت وقد هم المؤمنون لذلك أن يبطشوا بهم فأنزل الله تعالى سكينته عليهم فتوقروا وحلموا . وأخرج لعلي عن ابن المنذر أنه قال في حمية الجاهلية : حمت ابن جريج قريش أن يدخل عليهم رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وقالوا : لا يدخلها علينا أبدا ، وقال ابن بحر - كما في البحر- حميتهم عصبيتهم لآلهتهم والأنفة أن يعبدوا غيرها ، وفي توسيط على بين الرسول والمؤمنين إيماء إلى أنه سبحانه أنزل على كل سكينة لائقة به .
ووجه تقديم الإنزال على الرسول عليه الصلاة والسلام لا يخفى وقال الإمام : في هذه الآية لطائف معنوية وهو أنه تعالى أبان غاية البون بين المؤمنين والكافرين حيث باين بين الفاعلين إذ فاعل ( جعل ) هو الكفار وفاعل (أنزل) هو الله تعالى ، وبين المفعولين إذ تلك حمية وهذه سكينة . وبين الإضافتين إضافة الحمية إلى الجاهلية وإضافة السكينة إليه تعالى ، وبين الفعلين ( جعل ) و (أنزل) فالحمية مجعولة في الحال كالعرض الذي لا يبقى والسكينة كالمحفوظة في خزانة الرحمة فأنزلها والحمية قبيحة مذمومة في نفسها وازدادت قبحا بالإضافة إلى الجاهلية، والسكينة حسنة في نفسها وازدادت حسنا بإضافتها إلى الله عز وجل ، والعطف في فأنزل بالفاء لا بالواو يدل على المقابلة والمجازاة تقول : أكرمني زيد فأكرمته فيدل على أن إنزال السكينة لجعلهم الحمية في قلوبهم حتى أن المؤمنين لم يغضبوا ولم ينهزموا بل صبروا ، وهو بعيد في العادة فهو من فضل الله تعالى انتهى وهو مما لا بأس به
وألزمهم كلمة التقوى هي لا إله إلا الله كما أخرج ذلك الترمذي وعبد الله بن أحمد وغيرهم عن والدارقطني مرفوعا وكما أخرج أبي بن كعب عن ابن مردويه أبي هريرة وسلمة بن الأكوع كذلك
وأخرج أحمد وابن حبان عن والحاكم حمران أن رضي الله تعالى عنه قال : (سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يقول : عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه : أنا أحدثكم ما هي كلمة الإخلاص التي ألزمها الله سبحانه عمر بن الخطاب محمدا وأصحابه وهي كلمة التقوى التي ألاص عليها نبي الله صلى الله تعالى عليه وسلم عمه أبا طالب عند الموت شهادة أن لا إله إلا الله) وروي ذلك أيضا عن إني لأعلم كلمة لا يقولها عبد حقا من قلبه إلا حرم على النار فقال كرم الله تعالى وجهه على ما نقل علي أبو حيان وابن عمر وابن عباس وعكرمة ومجاهد والحسن وقتادة في آخرين ، وأخرج ذلك وسعيد بن جبير عبد بن حميد عن وابن جرير عطاء الخراساني بزيادة محمد رسول الله
، وأضيفت إلى التقوى لأنها بها يتقى الشرك ومن هنا قال فيما أخرجه ابن عباس وغيره : هي رأس كل تقوى ، وظاهر كلام ابن المنذر رضي الله تعالى عنه أن ضمير- هم- في ( ألزمهم ) للرسول عليه الصلاة والسلام ومن معه وإلزامهم إياها بالحكم والأمر بها ، عمر
وأخرج . عبد الرزاق وصححه . والحاكم
في الأسماء والصفات وجماعة عن والبيهقي كرم الله تعالى وجهه أنه قال : هي لا إله إلا الله والله أكبر علي
، وروي عن أيضا نحوه وأخرج ابن عمر ابن أبي حاتم في الأفراد عن والدارقطني المسور بن مخرمة قال : هي لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأخرج ابن أبي رباح، أيضا أنها لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ، وأخرج ومجاهد عبد بن حميد وغيرهما عن وابن جرير قال : هي بسم الله الرحمن الرحيم ، وضم بعضهم إلى هذا الزهري محمد رسول الله ، والمراد بإلزامهم إياها اختيارها لهم دون من عدل عنها إلى باسمك اللهم ومحمد بن عبد الله ، وقيل : هي الثبات والوفاء بالعهد ، ونسبه الخفاجي إلى ، وإلزامهم إياه أمرهم به ، وإطلاق الكلمة على الثبات على العهد والوفاء به قيل : لما أن كلا يتوصل به إلى [ ص: 119 ] الغرض وهو نظير ما قيل في إطلاق الكلمة على الحسن عيسى عليه السلام من أن ذلك لأن كلا منهما يهتدى به ، وجعلت الإضافة على كونها بمعنى الثبات من باب إضافة السبب إلى المسبب فهي إضافة لأدنى ملابسة ، وجوز أن تكون اختصاصية حقيقية بتقدير مضاف أي كلمة أهل التقوى ، وأريد بالعهد على ما يقتضيه ظاهر سبب النزول عهد الصلح الذي وقع بينه صلى الله تعالى عليه وسلم وبين أهل مكة وقيل : ما يعم ذلك وسائر عهودهم معه عز وجل .
وأنت تعلم أن الوجه المذكور في نفسه غير ظاهر ، ومثله ما قيل : المراد بالكلمة قولهم في الأصلاب : بلى مقرين بوحدانيته جل شأنه ، وبالإلزام الأمر بالثبات والوفاء بها ، وقيل : هي قول المؤمنين سمعا وطاعة حين يؤمرون أو ينهون ، والظاهر عليه كون الضمير للمؤمنين ، وأرجح الأقوال في هذه الكلمة ما روي مرفوعا وذهب إليه الجم الغفير ، ولعل ما ذكر في الأخبار السابقة من باب الاكتفاء ، والمراد لا إله إلا الله محمد رسول الله .
( وكانوا ) عطف على ما تقدم أو حال من المنصوب في ( ألزمهم ) بتقدير قد أو بدونه والظاهر في الضمير عوده كسابقه كما اقتضاه كلام رضي الله تعالى عنه على الرسول والمؤمنين ، واستظهر بعضهم عوده على المؤمنين وكأنه اعتبر الأول عائدا عليهم أيضا وهو مما لا بأس فيه ، ولعله اعتبر الأقربية . فالمعنى وكان المؤمنون في علم الله تعالى عمر أحق بها أي بكلمة التقوى ، وأفعل لزيادة الحقية في نفسها أي متصفين بمزيد استحقاق لها أو على ما هو المشهور فيه والمفضل عليه محذوف أي أحق بها من كفار مكة لأن الله تعالى اختارهم لدينه وصحبة نبيه صلى الله تعالى عليه وسلم وقيل : من اليهود والنصارى ، وقيل من جميع الأمم لأنهم خير أمة أخرجت للناس .
وحكى أن الذين كانوا قبلنا لم يكن لأحد منهم أن يقول : لا إله إلا الله في اليوم والليلة إلا مرة واحدة لا يستطيع أن يقولها أكثر من ذلك ، وكان قائلها يمد بها صوته إلى أن ينقطع نفسه تبركا بذكر الله تعالى ، وقد جعل الله عز وجل لهذه الأمة أن يقولوها متى شاءوا وهو قوله تعالى : المبرد وألزمهم كلمة التقوى أي ندبهم إلى ذكرها ما استطاعوا وكانوا أحق بها ، وهذا مما لم يثبت ، وجوز الإمام كون التفضيل بالنسبة إلى غير كلمة التقوى أي أحق بها من كلمة غير كلمة تقوى وقال : وهذا كما تقول زيد أحق بالإكرام منه بالإهانة ، وقولك إذا سئل شخص عن زيد بالطب أعلم أو بالفقه : زيد أعلم بالفقه أي من الطب ، وفيه غفلة لا تخفى ( وأهلها ) أي المستأهل لها وهو أبلغ من الأحق حتى قيل بينه وبين الأحق كما بين الأحق والحق ، وقيل : إن أحقيتهم بها من الكفار تفهم رجحانهم رجحانا ما عليهم ولا تثبت الأهلية كما إذا اختار الملك اثنين لشغل وكل واحد منهما غير صالح له لكن أحدهما أبعد عن الاستحقاق فيقال للأقرب إليه إذا كان ولا بد فهذا أحق كما يقال : الحبس أهون من القتل ، ولدفع توهم مثل هذا فيما نحن فيه قال سبحانه : ( وأهلها ) وقيل : أريد أنهم أحق بها في الدنيا وأهلها بالثواب في الآخرة ، وقيل : في الآية تقديم وتأخير والأصل وكانوا أهلها وأحق بها ، وكذلك هي في مصحف الحارث بن سويد صاحب وهو الذي دفن مصحفه لمخالفته الإمام أيام ابن مسعود الحجاج وكان من كبار تابعي الكوفة وثقاتهم ، وقيل : ضمير ( كانوا ) عائد على كفار مكة أي وكان أولئك الكفار الذين جعلوا في قلوبهم الحمية أحق بكلمة التقوى لأنهم أهل حرم الله تعالى ومنهم رسوله صلى الله تعالى عليه وسلم وقد تقدم إنذارهم لولا ما سلبوا من التوفيق ، وفيه ما فيه سواء رجح ضمير ( ألزمهم ) إلى كفار مكة أيضا أم لا ، وأظن في قائله نزغة رافضية دعته إلى ذلك لكنه لا يتم به غرضه ، وقيل : ضمير ( كانوا ) للمؤمنين إلا أن ضميري [ ص: 120 ] بها وأهلها للسكينة، وفيه ارتكاب خلاف الظاهر من غير داع، وقيل: هما لمكة أي وكانوا أحق بمكة أن يدخلوها وأهلها، وأشعر بذكر مكة ذكر المسجد الحرام في قوله تعالى: وصدوكم عن المسجد الحرام وكذا محل الهدي في قوله سبحانه: والهدي معكوفا أن يبلغ محله وفيه ما لا يخفى وكان الله بكل شيء عليما فيعلم سبحانه حق كل شيء واستئهاله لما يستأهله فيسوق عز وجل الحق إلى مستحقه والمستأهل إلى مستأهله أو فيعلم هذا ويعلم ما تقتضيه الحكمة والمصلحة من إنزال السكينة والرضا بالصلح فيكون تذييلا للجميع ما تقدم.