nindex.php?page=treesubj&link=29676_30885_30887_31786_34370_3686_29019nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=27لقد صدق الله رسوله الرؤيا رأى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم في المنام قبل خروجه إلى الحديبية، وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر وغيره عن
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد أنه عليه الصلاة والسلام رأى وهو في
الحديبية، والأول أصح، أنه هو وأصحابه دخلوا
مكة آمنين وقد حلقوا وقصروا فقص الرؤيا على أصحابه ففرحوا واستبشروا وحسبوا أنهم داخلوها في عامهم وقالوا: إن رؤيا رسول الله صلى الله عليه وسلم حق فلما تأخر ذلك قال على طريق الاعتراض
عبد الله بن أبي وعبد الله بن نفيل ورفاعة بن الحرث: والله ما حلقنا ولا قصرنا ولا رأينا المسجد الحرام فنزلت. وقد روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله تعالى عنه أنه قال نحوه على طريق الاستكشاف ليزداد يقينه، وفي رواية أن رؤياه صلى الله تعالى عليه وسلم إنما كانت أن ملكا جاءه فقال له:
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=27لتدخلن إلخ، والمعنى لقد صدقه سبحانه في رؤياه على أنه من باب الحذف والإيصال كما في قولهم: صدقني سن بكره، وتحقيقه أنه تعالى أراه الرؤيا الصادقة.
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14343الراغب: الصدق يكون بالقول ويكون بالفعل وما في الآية صدق بالفعل وهو التحقيق أي حقق سبحانه رؤيته. وفي شرح
الكرماني كذب يتعدى إلى مفعولين يقال: كذبني الحديث وكذا صدق كما في الآية، وهو غريب لتعدي المثقل لواحد والمخفف لمفعولين انتهى. وفي البحر صدق يتعدى إلى اثنين الثاني منهما بنفسه وبحرف الجر تقول صدقت زيدا الحديث وصدقته في الحديث، وقد عدها بعضهم في أخوات استغفر وأمر والمشهور ما أشرنا إليه أولا ( بالحق ) صفة لمصدر محذوف أي صدقا ملتبسا بالحق أي بالفرض الصحيح والحكمة البالغة وهو ظهور حال المتزلزل في الإيمان والراسخ فيه، ولأجل ذلك أخر وقوع الرؤيا إلى العام القابل أو حال من الرؤيا أي ملتبسة بالحق ليست من قبيل أضغاث الأحلام، وجوز كونه حالا من الاسم الجليل وكونه حالا من ( رسوله ) وكونه ظرفا لغوا لصدق وكونه قسما بالحق الذي هو من أسمائه عز وجل أو بنقيض الباطل، وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=27لتدخلن المسجد الحرام عليه جواب القسم والوقف على ( الرؤيا ) وهو على جميع ما تقدم جواب قسم مقدر والوقف على ( بالحق ) أي والله لتدخلن إلخ، وقوله سبحانه:
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=27إن شاء الله تعليق للعدة بالمشيئة لتعليم العباد، وبه ينحل ما يقال:
إنه تعالى خالق للأشياء كلها وعالم بها قبل وقوعها فكيف وقع التعليق منه سبحانه بالمشيئة، وفي معنى ما ذكر قول
nindex.php?page=showalam&ids=15611ثعلب: استثنى سبحانه وتعالى فيما يعلم ليستثنى الخلق فيما لا يعلمون.
وفيه تعريض بأن وقوع الدخول من مشيئته تعالى لا من جلادتهم وتدبيرهم، وذكر
الخفاجي أنه قد وضع فيه الظاهر موضع الضمير وأصله لتدخلنه لا محالة إلا إن شاء عدم الدخول فهو وعد لهم عدل به عن ظاهره لأجل التعريض بهم والإنكار على المعترضين على الرؤيا فيكون من باب الكناية انتهى. وقد أجيب عن السؤال بغير ذلك فقيل: الشك راجع إلى المخاطبين، وفيه شيء ستعلمه قريبا إن شاء الله تعالى وقال
الحسين بن الفضل :
[ ص: 121 ] إن التعليق راجع إلى دخولهم جميعا وحكي ذلك عن
nindex.php?page=showalam&ids=13980الجبائي ، وقيل: إنه ناظر إلى الأمن فهو مقدم من تأخير أي لتدخلنه حال كونكم
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=27آمنين من العدو إن شاء الله. وردهما في الكشف فقال: أما جعله قيد دخولهم بالأسر أو الأمن ففيه أن السؤال بعد باق لأن الدخول المخصوص أيضا خبر من الله تعالى وهو ينافي الشك، وليس نظير قول
يوسف عليه السلام:
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=99ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين إذ لا يبعد أن لا يعرف عليه السلام مستقر الأمر من الأمن أو الخوف فإما أن يؤول بأن الشك راجع إلى المخاطبين أو بأنه تعليم، والثاني أولى لأن تغليب الشاكين لا يناسب هذا المساق بل الأمر بالعكس. ودفع وروده على
nindex.php?page=showalam&ids=17الحسين بأن المراد أنه في معنى ليدخلنه من شاء الله دخوله منكم فيكون كناية عن أن منهم من لا يدخله لأن أجله يمنعه منه فلا يلزم الرجوع لما ذكر.
وقيل: هو حكاية لما قاله ملك الرؤيا له صلى الله عليه وسلم وإليه ذهب
nindex.php?page=showalam&ids=13471ابن كيسان أو لما قاله هو عليه الصلاة والسلام لأصحابه. ورده صاحب التقريب بأنه كيف يدخل في كلامه تعالى ما ليس منه بدون حكاية. ودفع بأن المراد أن جواب القسم بيان للرؤيا وقائلها في المنام الملك وفي اليقظة الرسول صلى الله عليه وسلم فهي في حكم المحكي في دقيق النظر كأنه قيل: وهي قول الملك أو الرسول لتدخلن إلخ، وأنت تعلم أن هذا وإن صحح النظم الكريم لا يدفع البعد، وقد اعترض به على ذلك صاحب الكشف لكنه ادعى أن كونه حكاية ما قاله الرسول عليه الصلاة والسلام أقل بعدا من جعله من قول الملك، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12078أبو عبيدة وقوم من النحاة: ( إن ) بمعنى إذ وجعلوا من ذلك قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=139وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين
وقوله صلى الله عليه وسلم في
nindex.php?page=treesubj&link=2317_2316زيارة القبور: nindex.php?page=hadith&LINKID=73857 (أنتم السابقون وإنا إن شاء الله بكم لاحقون).
والبصريون لا يرتضون ذلك، وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=27محلقين رءوسكم ومقصرين حال كآمنين من الواو المحذوفة لالتقاء الساكنين من قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=27لتدخلن إلا أن آمنين حال مقارنة وهذا حال مقدرة لأن الدخول في حال الإحرام لا في حال الحلق والتقصير، وجوز أن يكون حالا من ضمير ( آمنين ) والمراد محلقا بعضكم رأس بعض ومقصرا آخرون ففي الكلام تقدير أو فيه نسبة ما للجزء إلى الكل، والقرينة عليه أنه لا يجتمع الحلق وهو معروف والتقصير وهو أخذ بعض الشعر فلا بد من نسبة كل منهما لبعض منهم، وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=27لا تخافون حال من فاعل
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=27لتدخلن أيضا لبيان الأمن بعد تمام الحج ( وآمنين ) فيما تقدم لبيان الأمن وقت الدخول فلا تكرار أو حال من الضمير المستتر في ( آمنين ) فإن أريد به معنى آمنين كان حالا مؤكدة، وإن أريد لا تخافون تبعة في الحلق أو التقصير ولا نقص ثواب فهو حال مؤسسة، ولا يخفى الحال إذا جعل حالا من الضمير في
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=27محلقين أو ( مقصرين) ، وجوز أن يكون استئنافا بيانيا في جواب سؤال مقدر كأنه قيل: فكيف الحال بعد الدخول؟ فقيل: لا تخافون أي بعد الدخول.
واستدل بالآية على أن
nindex.php?page=treesubj&link=3689_3688_3692الحلق غير متعين في النسك بل يجزئ عنه التقصير، وظاهر تقديمه عليه أنه أفضل منه وهو الذي دلت عليه الأخبار في غير النساء.
أخرج الشيخان
nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
nindex.php?page=hadith&LINKID=651613اللهم اغفر للمحلقين قالوا: يا رسول الله والمقصرين قال: اللهم اغفر للمحلقين ثلاثا قالوا: يا رسول الله والمقصرين قال: والمقصرين).
وأما في النساء فقد أخرج
nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي في سننه عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم:
nindex.php?page=hadith&LINKID=886512 (ليس على النساء حلق وإنما على النساء التقصير). nindex.php?page=treesubj&link=3695_3686والسنة في الحلق أن
[ ص: 122 ] يبدأ بالجانب الأيمن، فقد أخرج
nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة nindex.php?page=hadith&LINKID=101105عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس أنه رأى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قال للحلاق هكذا وأشار بيده إلى جانب الأيمن وإن يبلغ به إلى العظمين كما قال
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة أيضا عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر رضي الله تعالى عنهم أنهما كانا يقولان للحلاق ابدأ بالأيمن وابلغ بالحلق العظمين، واستدل بالآية أيضا على أن
nindex.php?page=treesubj&link=3686التقصير بالرأس دون اللحية وسائر شعر البدن إذ الظاهر أن المراد ومقصرين رؤوسكم أي شعرها لظهور أن الرؤوس أنفسها لا تقصر
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=27فعلم ما لم تعلموا الظاهر عطفه على
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=27لقد صدق فالترتيب باعتبار التعلق الفعلي بالمعلوم أي فعلم عقيب ما أراه الرؤيا الصادقة ما لم تعلموا من الحكمة الداعية لتقديم ما يشهد للصدق علما فعليا، وقيل: الفاء للترتيب الذكري
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=27فجعل لأجل هذا العلم
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=27من دون ذلك أي من دون تحقق مصداق ما أراه من دخول المسجد الحرام آمنين إلخ، وقيل: أي من دون فتح
مكة، والأول أظهر، وهذا أنسب بقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=27فتحا قريبا وهو فتح
خيبر كما قال
nindex.php?page=showalam&ids=16327ابن زيد وغيره، والمراد بجعله وعده تعالى وإنجازه من غير تسويف ليستدل به على صدق الرؤيا وتستروح قلوب المؤمنين إلى تيسر وقوعها.
وقال في الكشاف:
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=27ما لم تعلموا أي من الحكمة في تأخير فتح
مكة إلى العام القابل، وفيه أمران: الأول أن فتح
مكة لم يقع في العام الذي قاله بل في السنة الثامنة، والتجوز في العام القابل أو تأويل الفتح بدخول المؤمنين
مكة معتمرين لا يخفى حاله. الثاني إباء الفاء عما ذكر لأن علمه تعالى بذلك متقدم على إراءة الرؤيا قطعا.
وأجيب عن هذا بالتزام كون الفاء للترتيب الذكري أو كون المراد فأظهر معلومه لكم وهو الحكمة فتدبر.
ونقل عن كثير من الصحابة رضي الله تعالى عنهم أن
nindex.php?page=treesubj&link=29388الفتح القريب في الآية هو بيعة الرضوان، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد ،
وابن إسحاق : هو فتح
الحديبية، ومن الغريب ما قيل: إن المراد به فتح
مكة مع أنه لم يكن دخول الرسول عليه الصلاة والسلام وأصحابه دون
مكة على أنه مناف للسياق كما لا يخفى.
nindex.php?page=treesubj&link=29676_30885_30887_31786_34370_3686_29019nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=27لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَنَامِ قَبْلَ خُرُوجِهِ إِلَى الْحُدَيْبِيَةِ، وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=12918ابْنُ الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16879مُجَاهِدٍ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ رَأَى وَهُوَ فِي
الْحُدَيْبِيَةِ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ، أَنَّهُ هُوَ وَأَصْحَابُهُ دَخَلُوا
مَكَّةَ آمِنِينَ وَقَدْ حَلَقُوا وَقَصَّرُوا فَقَصَّ الرُّؤْيَا عَلَى أَصْحَابِهِ فَفَرِحُوا وَاسْتَبْشَرُوا وَحَسِبُوا أَنَّهُمْ دَاخِلُوهَا فِي عَامِهِمْ وَقَالُوا: إِنَّ رُؤْيَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَقٌّ فَلَمَّا تَأَخَّرَ ذَلِكَ قَالَ عَلَى طَرِيقِ الِاعْتِرَاضِ
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُفَيْلٍ وَرِفَاعَةُ بْنُ الْحَرْثِ: وَاللَّهُ مَا حَلَقْنَا وَلَا قَصَّرْنَا وَلَا رَأَيْنَا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ فَنَزَلَتْ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ نَحْوَهُ عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِكْشَافِ لِيَزْدَادَ يَقِينُهُ، وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّ رُؤْيَاهُ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا كَانَتْ أَنَّ مَلِكًا جَاءَهُ فَقَالَ لَهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=27لَتَدْخُلُنَّ إِلَخْ، وَالْمَعْنَى لَقَدْ صَدَقَهُ سُبْحَانَهُ فِي رُؤْيَاهُ عَلَى أَنَّهُ مِنْ بَابِ الْحَذْفِ وَالْإِيصَالِ كَمَا فِي قَوْلِهِمْ: صَدَقَنِي سِنُّ بَكْرِهِ، وَتَحْقِيقُهُ أَنَّهُ تَعَالَى أَرَاهُ الرُّؤْيَا الصَّادِقَةَ.
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14343الرَّاغِبُ: الصِّدْقُ يَكُونُ بِالْقَوْلِ وَيَكُونُ بِالْفِعْلِ وَمَا فِي الْآيَةِ صِدْقٌ بِالْفِعْلِ وَهُوَ التَّحْقِيقُ أَيْ حَقَّقَ سُبْحَانَهُ رُؤْيَتَهُ. وَفِي شَرْحِ
الْكِرْمَانِيِّ كَذِبٌ يَتَعَدَّى إِلَى مَفْعُولَيْنِ يُقَالُ: كَذَبَنِي الْحَدِيثَ وَكَذَا صَدَقَ كَمَا فِي الْآيَةِ، وَهُوَ غَرِيبٌ لِتَعَدِّي الْمُثْقَلِ لِوَاحِدٍ وَالْمُخَفَّفِ لِمَفْعُولَيْنِ انْتَهَى. وَفِي الْبَحْرِ صَدَقَ يَتَعَدَّى إِلَى اثْنَيْنِ الثَّانِي مِنْهُمَا بِنَفْسِهِ وَبِحَرْفِ الْجَرِّ تَقُولُ صَدَقْتُ زَيْدًا الْحَدِيثَ وَصَدَقْتُهُ فِي الْحَدِيثِ، وَقَدْ عَدَّهَا بَعْضُهُمْ فِي أَخَوَاتِ اسْتَغْفَرْ وَأَمَرَ وَالْمَشْهُورُ مَا أَشَرْنَا إِلَيْهِ أَوَّلًا ( بِالْحَقِّ ) صِفَةٌ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ أَيْ صِدْقًا مُلْتَبِسًا بِالْحَقِّ أَيْ بِالْفَرْضِ الصَّحِيحِ وَالْحِكْمَةِ الْبَالِغَةِ وَهُوَ ظُهُورُ حَالِ الْمُتَزَلْزِلِ فِي الْإِيمَانِ وَالرَّاسِخِ فِيهِ، وَلِأَجْلِ ذَلِكَ أُخِّرَ وُقُوعُ الرُّؤْيَا إِلَى الْعَامِ الْقَابِلِ أَوْ حَالٌ مِنَ الرُّؤْيَا أَيْ مُلْتَبِسَةً بِالْحَقِّ لَيْسَتْ مِنْ قَبِيلِ أَضْغَاثِ الْأَحْلَامِ، وَجُوِّزَ كَوْنُهُ حَالًا مِنَ الِاسْمِ الْجَلِيلِ وَكَوْنُهُ حَالًا مِنْ ( رَسُولَهُ ) وَكَوْنُهُ ظَرْفًا لَغْوًا لِصَدَقَ وَكَوْنُهُ قَسَمًا بِالْحَقِّ الَّذِي هُوَ مِنْ أَسْمَائِهِ عَزَّ وَجَلَّ أَوْ بِنَقِيضِ الْبَاطِلِ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=27لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ عَلَيْهِ جَوَابُ الْقَسَمِ وَالْوَقْفُ عَلَى ( الرُّؤْيَا ) وَهُوَ عَلَى جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ جَوَابُ قَسَمٍ مُقَدَّرٍ وَالْوَقْفُ عَلَى ( بِالْحَقِّ ) أَيْ وَاللَّهِ لَتَدْخُلُنَّ إِلَخْ، وَقَوْلُهُ سُبْحَانَهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=27إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعْلِيقٌ لِلْعِدَّةِ بِالْمَشِيئَةِ لِتَعْلِيمِ الْعِبَادِ، وَبِهِ يَنْحَلُّ مَا يُقَالُ:
إِنَّهُ تَعَالَى خَالِقٌ لِلْأَشْيَاءِ كُلِّهَا وَعَالِمٌ بِهَا قَبْلَ وُقُوعِهَا فَكَيْفَ وَقَعَ التَّعْلِيقُ مِنْهُ سُبْحَانَهُ بِالْمَشِيئَةِ، وَفِي مَعْنَى مَا ذُكِرَ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=15611ثَعْلَبٍ: اسْتَثْنَى سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِيمَا يَعْلَمُ لِيُسْتَثْنَى الْخَلْقُ فِيمَا لَا يَعْلَمُونَ.
وَفِيهِ تَعْرِيضٌ بِأَنَّ وُقُوعَ الدُّخُولِ مِنْ مَشِيئَتِهِ تَعَالَى لَا مِنْ جَلَادَتِهِمْ وَتَدْبِيرِهِمْ، وَذَكَرَ
الْخَفَاجِيُّ أَنَّهُ قَدْ وَضَعَ فِيهِ الظَّاهِرَ مَوْضِعَ الضَّمِيرِ وَأَصْلُهُ لَتَدْخُلُنَّهُ لَا مَحَالَةَ إِلَّا إِنْ شَاءَ عَدَمَ الدُّخُولِ فَهُوَ وَعْدٌ لَهُمْ عَدَلَ بِهِ عَنْ ظَاهِرِهِ لِأَجْلِ التَّعْرِيضِ بِهِمْ وَالْإِنْكَارِ عَلَى الْمُعْتَرِضِينَ عَلَى الرُّؤْيَا فَيَكُونُ مِنْ بَابِ الْكِنَايَةِ انْتَهَى. وَقَدْ أُجِيبَ عَنِ السُّؤَالِ بِغَيْرِ ذَلِكَ فَقِيلَ: الشَّكُّ رَاجِعٌ إِلَى الْمُخَاطَبِينَ، وَفِيهِ شَيْءٌ سَتَعْلَمُهُ قَرِيبًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَقَالَ
الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَضْلِ :
[ ص: 121 ] إِنَّ التَّعْلِيقَ رَاجِعٌ إِلَى دُخُولِهِمْ جَمِيعًا وَحُكِيَ ذَلِكَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13980الْجِبَائِيِّ ، وَقِيلَ: إِنَّهُ نَاظِرٌ إِلَى الْأَمْنِ فَهُوَ مُقَدَّمٌ مِنْ تَأْخِيرٍ أَيْ لَتَدْخُلُنَّهُ حَالَ كَوْنِكُمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=27آمِنِينَ مِنَ الْعَدُوِّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. وَرَدَّهُمَا فِي الْكَشْفِ فَقَالَ: أَمَّا جَعْلُهُ قَيْدَ دُخُولِهِمْ بِالْأَسْرِ أَوِ الْأَمْنِ فَفِيهِ أَنَّ السُّؤَالَ بَعْدُ بَاقٍ لِأَنَّ الدُّخُولَ الْمَخْصُوصَ أَيْضًا خَبَرٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ يُنَافِي الشَّكَّ، وَلَيْسَ نَظِيرَ قَوْلِ
يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=99ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ إِذْ لَا يَبْعُدُ أَنْ لَا يَعْرِفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مُسْتَقَرَّ الْأَمْرِ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ فَإِمَّا أَنْ يُؤَوَّلَ بِأَنَّ الشَّكَّ رَاجِعٌ إِلَى الْمُخَاطَبِينَ أَوْ بِأَنَّهُ تَعْلِيمٌ، وَالثَّانِي أَوْلَى لِأَنَّ تَغْلِيبَ الشَّاكِّينَ لَا يُنَاسَبُ هَذَا الْمَسَاقَ بَلِ الْأَمْرُ بِالْعَكْسِ. وَدَفْعُ وُرُودِهِ عَلَى
nindex.php?page=showalam&ids=17الْحُسَيْنِ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ فِي مَعْنَى لَيَدْخُلُنَّهُ مَنْ شَاءَ اللَّهُ دُخُولَهُ مِنْكُمْ فَيَكُونُ كِنَايَةً عَنْ أَنَّ مِنْهُمْ مَنْ لَا يَدْخُلُهُ لِأَنَّ أَجَلَهُ يَمْنَعُهُ مِنْهُ فَلَا يَلْزَمُ الرُّجُوعُ لِمَا ذُكِرَ.
وَقِيلَ: هُوَ حِكَايَةٌ لِمَا قَالَهُ مَلَكُ الرُّؤْيَا لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ
nindex.php?page=showalam&ids=13471ابْنُ كَيْسَانَ أَوْ لِمَا قَالَهُ هُوَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لِأَصْحَابِهِ. وَرَدَّهُ صَاحِبُ التَّقْرِيبِ بِأَنَّهُ كَيْفَ يَدْخُلُ فِي كَلَامِهِ تَعَالَى مَا لَيْسَ مِنْهُ بِدُونِ حِكَايَةٍ. وَدُفِعَ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ جَوَابَ الْقَسَمِ بَيَانٌ لِلرُّؤْيَا وَقَائِلُهَا فِي الْمَنَامِ الْمَلَكُ وَفِي الْيَقَظَةِ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهِيَ فِي حُكْمِ الْمَحْكِيِّ فِي دَقِيقِ النَّظَرِ كَأَنَّهُ قِيلَ: وَهِيَ قَوْلُ الْمَلَكِ أَوِ الرَّسُولِ لَتَدْخُلُنَّ إِلَخْ، وَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا وَإِنْ صَحَّحَ النَّظْمُ الْكَرِيمُ لَا يَدْفَعُ الْبُعْدَ، وَقَدِ اعْتَرَضَ بِهِ عَلَى ذَلِكَ صَاحِبُ الْكَشْفِ لَكِنَّهُ ادَّعَى أَنَّ كَوْنَهُ حِكَايَةً مَا قَالَهُ الرَّسُولُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَقَلُّ بُعْدًا مِنْ جَعْلِهِ مِنْ قَوْلِ الْمَلَكِ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12078أَبُو عُبَيْدَةَ وَقَوْمٌ مِنَ النُّحَاةِ: ( إِنْ ) بِمَعْنَى إِذْ وَجَعَلُوا مِنْ ذَلِكَ قَوْلَهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=139وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ
وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=2317_2316زِيَارَةِ الْقُبُورِ: nindex.php?page=hadith&LINKID=73857 (أَنْتُمُ السَّابِقُونَ وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ).
وَالْبَصْرِيُّونَ لَا يَرْتَضُونَ ذَلِكَ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=27مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ حَالٌ كَآمِنِينَ مِنَ الْوَاوِ الْمَحْذُوفَةِ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=27لَتَدْخُلُنَّ إِلَّا أَنَّ آمِنِينَ حَالٌ مُقَارَنَةٌ وَهَذَا حَالٌ مُقَدَّرَةٌ لِأَنَّ الدُّخُولَ فِي حَالِ الْإِحْرَامِ لَا فِي حَالِ الْحَلْقِ وَالتَّقْصِيرِ، وَجُوِّزَ أَنْ يَكُونَ حَالًا مِنْ ضَمِيرِ ( آمِنِينَ ) وَالْمُرَادُ مُحَلِّقًا بَعْضُكُمْ رَأْسَ بَعْضٍ وَمُقَصِّرًا آخَرُونَ فَفِي الْكَلَامِ تَقْدِيرٌ أَوْ فِيهِ نِسْبَةُ مَا لِلْجُزْءِ إِلَى الْكُلِّ، وَالْقَرِينَةُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا يَجْتَمِعُ الْحَلْقُ وَهُوَ مَعْرُوفٌ وَالتَّقْصِيرُ وَهُوَ أَخْذُ بَعْضِ الشَّعْرِ فَلَا بُدَّ مِنْ نِسْبَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا لِبَعْضٍ مِنْهُمْ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=27لا تَخَافُونَ حَالٌ مِنْ فَاعِلِ
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=27لَتَدْخُلُنَّ أَيْضًا لِبَيَانِ الْأَمْنِ بَعْدَ تَمَامِ الْحَجِّ ( وَآمِنِينَ ) فِيمَا تَقَدَّمَ لِبَيَانِ الْأَمْنِ وَقْتَ الدُّخُولِ فَلَا تَكْرَارَ أَوْ حَالٌ مِنَ الضَّمِيرِ الْمُسْتَتِرِ فِي ( آمِنِينَ ) فَإِنْ أُرِيدَ بِهِ مَعْنَى آمِنِينَ كَانَ حَالًا مُؤَكَّدَةً، وَإِنْ أُرِيدَ لَا تَخَافُونَ تَبِعَةً فِي الْحَلْقِ أَوِ التَّقْصِيرِ وَلَا نَقْصَ ثَوَابٍ فَهُوَ حَالٌ مُؤَسِّسَةٌ، وَلَا يَخْفَى الْحَالُ إِذَا جُعِلَ حَالًا مِنَ الضَّمِيرِ فِي
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=27مُحَلِّقِينَ أَوْ ( مُقَصِّرِينَ) ، وَجُوِّزَ أَنْ يَكُونَ اسْتِئْنَافًا بَيَانِيًّا فِي جَوَابِ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ كَأَنَّهُ قِيلَ: فَكَيْفَ الْحَالُ بَعْدَ الدُّخُولِ؟ فَقِيلَ: لَا تَخَافُونَ أَيْ بَعْدَ الدُّخُولِ.
وَاسْتُدِلَّ بِالْآيَةِ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=3689_3688_3692الْحَلْقَ غَيْرُ مُتَعَيِّنٍ فِي النُّسُكِ بَلْ يُجْزِئُ عَنْهُ التَّقْصِيرُ، وَظَاهِرُ تَقْدِيمِهِ عَلَيْهِ أَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْهُ وَهُوَ الَّذِي دَلَّتْ عَلَيْهِ الْأَخْبَارُ فِي غَيْرِ النِّسَاءِ.
أَخْرَجَ الشَّيْخَانِ
nindex.php?page=showalam&ids=12251وَأَحْمَدُ nindex.php?page=showalam&ids=13478وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=651613اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُحَلِّقِينَ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَالْمُقَصِّرِينَ قَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُحَلِّقِينَ ثَلَاثًا قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَالْمُقَصِّرِينَ قَالَ: وَالْمُقَصِّرِينَ).
وَأَمَّا فِي النِّسَاءِ فَقَدْ أَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=11998أَبُو دَاوُدَ nindex.php?page=showalam&ids=13933وَالْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=886512 (لَيْسَ عَلَى النِّسَاءِ حَلْقٌ وَإِنَّمَا عَلَى النِّسَاءِ التَّقْصِيرُ). nindex.php?page=treesubj&link=3695_3686وَالسُّنَّةُ فِي الْحَلْقِ أَنْ
[ ص: 122 ] يُبْدَأَ بِالْجَانِبِ الْأَيْمَنِ، فَقَدْ أَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=12508ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ nindex.php?page=hadith&LINKID=101105عَنْ nindex.php?page=showalam&ids=9أَنَسٍ أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِلْحَلَّاقِ هَكَذَا وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى جَانِبِ الْأَيْمَنِ وَإِنْ يَبْلُغْ بِهِ إِلَى الْعَظْمَيْنِ كَمَا قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16568عَطَاءٌ .
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=12508ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ أَيْضًا عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ nindex.php?page=showalam&ids=12وَابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ أَنَّهُمَا كَانَا يَقُولَانِ لِلْحَلَّاقِ ابْدَأْ بِالْأَيْمَنِ وَابْلُغْ بِالْحَلْقِ الْعَظْمَيْنِ، وَاسْتُدِلَّ بِالْآيَةِ أَيْضًا عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=3686التَّقْصِيرَ بِالرَّأْسِ دُونَ اللِّحْيَةِ وَسَائِرِ شَعْرِ الْبَدَنِ إِذِ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ وَمُقَصِّرِينَ رُؤُوسَكُمْ أَيْ شَعْرَهَا لِظُهُورِ أَنَّ الرُّؤُوسَ أَنْفُسَهَا لَا تُقَصَّرُ
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=27فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا الظَّاهِرُ عَطْفُهُ عَلَى
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=27لَقَدْ صَدَقَ فَالتَّرْتِيبُ بِاعْتِبَارِ التَّعَلُّقِ الْفِعْلِيِّ بِالْمَعْلُومِ أَيْ فَعَلِمَ عَقِيبَ مَا أَرَاهُ الرُّؤْيَا الصَّادِقَةَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا مِنَ الْحِكْمَةِ الدَّاعِيَةِ لِتَقْدِيمِ مَا يَشْهَدُ لِلصِّدْقِ عِلْمًا فِعْلِيًّا، وَقِيلَ: الْفَاءُ لِلتَّرْتِيبِ الذِّكْرِيِّ
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=27فَجَعَلَ لِأَجْلِ هَذَا الْعِلْمِ
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=27مِنْ دُونِ ذَلِكَ أَيْ مِنْ دُونِ تَحَقُّقِ مِصْدَاقِ مَا أَرَاهُ مِنْ دُخُولِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ آمِنِينَ إِلَخْ، وَقِيلَ: أَيْ مِنْ دُونِ فَتْحِ
مَكَّةَ، وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ، وَهَذَا أَنْسَبُ بُقُولِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=27فَتْحًا قَرِيبًا وَهُوَ فَتْحُ
خَيْبَرَ كَمَا قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16327ابْنُ زَيْدٍ وَغَيْرُهُ، وَالْمُرَادُ بِجَعْلِهِ وَعْدَهُ تَعَالَى وَإِنْجَازَهُ مِنْ غَيْرِ تَسْوِيفٍ لِيُسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى صِدْقِ الرُّؤْيَا وَتَسْتَرْوِحَ قُلُوبُ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى تَيَسُّرِ وُقُوعِهَا.
وَقَالَ فِي الْكَشَّافِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=27مَا لَمْ تَعْلَمُوا أَيْ مِنَ الْحِكْمَةِ فِي تَأْخِيرِ فَتْحِ
مَكَّةَ إِلَى الْعَامِ الْقَابِلِ، وَفِيهِ أَمْرَانِ: الْأَوَّلُ أَنَّ فَتْحَ
مَكَّةَ لَمْ يَقَعْ فِي الْعَامِ الَّذِي قَالَهُ بَلْ فِي السَّنَةِ الثَّامِنَةِ، وَالتَّجَوُّزُ فِي الْعَامِ الْقَابِلِ أَوْ تَأْوِيلُ الْفَتْحِ بِدُخُولِ الْمُؤْمِنِينَ
مَكَّةَ مُعْتَمِرِينَ لَا يَخْفَى حَالُهُ. الثَّانِي إِبَاءُ الْفَاءِ عَمَّا ذُكِرَ لِأَنَّ عِلْمَهُ تَعَالَى بِذَلِكَ مُتَقَدِّمٌ عَلَى إِرَاءَةِ الرُّؤْيَا قَطْعًا.
وَأُجِيبَ عَنْ هَذَا بِالْتِزَامِ كَوْنِ الْفَاءِ لِلتَّرْتِيبِ الذِّكْرِيِّ أَوْ كَوْنُ الْمُرَادِ فَأَظْهَرَ مَعْلُومَهُ لَكُمْ وَهُوَ الْحِكْمَةُ فَتَدَبَّرْ.
وَنُقِلَ عَنْ كَثِيرٍ مِنَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=29388الْفَتْحَ الْقَرِيبَ فِي الْآيَةِ هُوَ بَيْعَةُ الرِّضْوَانِ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16879مُجَاهِدٌ ،
وَابْنُ إِسْحَاقَ : هُوَ فَتْحُ
الْحُدَيْبِيَةِ، وَمِنَ الْغَرِيبِ مَا قِيلَ: إِنَّ الْمُرَادَ بِهِ فَتْحُ
مَكَّةَ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ دُخُولُ الرَّسُولِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَأَصْحَابُهُ دُونَ
مَكَّةَ عَلَى أَنَّهُ مُنَافٍ لِلسِّيَاقِ كَمَا لَا يَخْفَى.