وقصيدة رائقة ضوعتها أنت لها أحمد من بين البشر
وقوله:
أعداء من لليعملات على الوجى وأضياف ليل بيتوا للنزول
أو هي صلة لامتحن، باعتبار معنى الاعتياد أو المراد ضرب الله تعالى قلوبهم بأنواع المحن والتكاليف الشاقة لأجل التقوى أي لتظهر ويعلم أنهم متقون إذ لا تعلم حقيقة التقوى إلا عند المحن والاصطبار عليها، وعلى هذا فالامتحان هو الضرب بالمحن، واللام للتعليل على معنى أن ظهور التقوى هو الغرض والعلة وإلا فالصبر على المحنة مستفاد من التقوى لا العكس، أو المراد أخلصها للتقوى أي جعلها خالصة لأجل التقوى أو أخلصها لها فلم يبق لغير التقوى فيها حق كأن القلوب خلصت ملكا للتقوى، وهذا أبلغ وهو استعارة من امتحان الذهب وإذابته ليخلص إبريزه من خبثه وينقى أو تمثيل، وتفسير امتحن بأخلص رواه وجماعة عن ابن جرير ، وروي ذلك أيضا عن مجاهد الكعبي وأبي مسلم ، وقال : تقدير الكلام امتحن الله قلوبهم فأخلصها للتقوى فحذف الإخلاص لدلالة الامتحان عليه وليس بذاك. واختار صاحب الكشف ما نقل عنه أولا فقال: الأول أرجح الوجوه لكثرة فائدته من الكناية والإسناد والدلالة على أن مثل هذا الغض لا يتأتى إلا ممن هو مدرب للتقوى صبور عليها فتأمل الواحدي لهم في الآخرة مغفرة لذنوبهم وأجر عظيم لغضهم أصواتهم عند النبي عليه الصلاة والسلام ولسائر طاعاتهم، وتنكير ( مغفرة وأجر ) للتعظيم، ففي وصف أجر بعظيم مبالغة في عظمه فإنه مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، وجملة ( لهم ) إلخ مستأنفة لبيان جزاء الغاضين إحمادا لحالهم كما أخبر عنهم بجملة مؤلفة من معرفتين، والمبتدأ اسم الإشارة المتضمن لما جعل عنوانا لهم، والخبر الموصول بصلة دلت على بلوغهم أقصى الكمال مبالغة في الاعتداد بغضهم والارتضاء له وتعريضا بشناعة الرفع والجهر وأن حال المرتكب لهما على خلاف ذلك، وقيل: الجملة خبر ثان لإن وليس بذاك، والآية قيل: أنزلت في الشيخين رضي الله تعالى عنهما لما كان منهما من غض الصوت والبلوغ به أخا السرار بعد نزول الآية السابقة وفي حديث وغيره عن الحاكم محمد بن ثابت بن قيس أنه قال بعد حكاية قصة أبيه وقوله: لا أرفع صوتي أبدا على رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وأنزل الله تعالى إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله الآية.
وأنت تعلم أن حكمها عام ويدخل الشيخان في عمومها وكذا ثابت بن قيس .
وقد أخرج ابن مردويه عن قال: لما أنزل الله تعالى أبي هريرة أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى قال رسول الله صلى الله تعالى [ ص: 139 ] عليه وسلم: منهم ثابت بن قيس ابن شماس .