يسأله من في السماوات والأرض قاطبة ما يحتاجون إليه في ذواتهم حدوثا وبقاء وفي سائر أحوالهم سؤالا مستمرا بلسان المقال أو بلسان الحال فإنهم كافة من حيث حقائقهم الممكنة بمعزل من استحقاق الوجود وما يتفرع عليه من الكمالات بالمرة بحيث لو انقطع ما بينهم وبين العناية الإلهية من العلاقة لم يشموا رائحة الوجود أصلا فهم في كل آن سائلون .
وأخرج عبد بن حميد عن وابن المنذر أبي صالح يسأله من في السماوات الرحمة ، ومن في - الأرض - المغفرة والرزق ، وأخرج عن ابن المنذر ( يسأله ) الملائكة عليهم السلام الرزق لأهل الأرض والمغفرة . ابن جريج
وأهل الأرض يسألونهما جميعا وما تقدم أولى . ولا دليل على التخصيص .
والظاهر أن الجملة استئناف . وقيل : هي حال من - الوجه - والعامل فيها ( يبقى ) أي هو سبحانه دائم في هذه الحال ، ولا يخفى حاله على ذي تمييز كل يوم كل وقت من الأوقات ولحظة من اللحظات . هو في شأن من الشؤون التي من جملتها إعطاء ما سألوا فإنه تعالى لا يزال ينشئ أشخاصا ، ويفني آخرين ويأتي بأحوال ويذهب بأحوال حسبما تقتضيه مشيئته عز وجل المبنية على الحكم البالغة ، وأخرج في تاريخه البخاري وابن ماجه وجماعة عن وابن حبان أبي الدرداء
أن يغفر ذنبا ويفرج كربا ويرفع قوما ويضع آخرين» زاد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في هذه الآية : «من شأنه [ ص: 111 ] البزار «ويجيب داعيا » ، وقيل : إن لله تعالى في كل يوم ثلاث عساكر : عسكر من الأصلاب إلى الأرحام ، وعسكر من الأرحام إلى الدنيا ، وعسكر من الدنيا إلى القبور . والظاهر أن المراد بيان كثرة شؤونه تعالى في الدنيا فكل يوم على معنى كل وقت من أوقات الدنيا .
وقال ابن عيينة : الدهر عند الله تعالى يومان : أحدهما اليوم الذي هو مدة الدنيا فشأنه فيه الأمر والنهي والإماتة والإحياء . وثانيهما اليوم الذي هو يوم القيامة فشأنه سبحانه فيه الجزاء والحساب ، وعن إن الآية نزلت في اليهود قالوا : إن الله تعالى لا يقضي يوم السبت شيئا فرد عز وجل عليهم بذلك ، وسأل مقاتل عبد الله بن طاهر الحسين بن الفضل عن الجمع بين هذه الآية وما صح من أن القلم جف بما هو كائن إلى يوم القيامة فقال : شؤون يبديها لا شؤون يبتديها ، وانتصب كل يوم على الظرف ، والعامل فيه هو العامل في قوله تعالى في شأن ، ( وهو ) ثابت المحذوف : فكأنه قيل هو ثابت في شأن كل يوم فبأي آلاء ربكما تكذبان مما يسعف به سؤالكما وما يخرج لكما بيديه من مكمن العدم حينا فحينا