الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وقوله تعالى : فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة تفصيل للأزواج الثلاثة مع الإشارة الإجمالية إلى أحوالهم قبل تفصيلها ، والدائر على ألسنتهم أن أصحاب الميمنة مبتدأ ، وقوله تعالى : ما أصحاب الميمنة ما فيه استفهامية مبتدأ ثان ( وأصحاب ) خبره ، والجملة خبر المبتدأ الأول والرابط الظاهر القائم مقام الضمير ، وكذا يقال في قوله تعالى : وأصحاب المشأمة إلخ ، والأصل في الموضعين ما هم ؟ أي أي شيء هم في حالهم وصفتهم فإن (ما) وإن شاعت في طلب مفهوم الاسم والحقيقة لكنها قد تطلب بها الصفة والحال كما تقول ما زيد ؟

                                                                                                                                                                                                                                      فيقال : عالم ، أو طبيب فوضع الظاهر موضع الضمير لكونه أدخل في المقصود وهو التفخيم في الأول والتفظيع في الثاني ، والمراد تعجيب السامع من شأن الفريقين في الفخامة والفظاعة كأنه قيل : فأصحاب الميمنة في غاية حسن الحال وأصحاب المشأمة في نهاية سوء الحال ، وقيل : جملة (ما أصحاب ) خبر بتقدير القول على ما عرف في الجملة الإنشائية إذا وقعت خبرا أي مقول في حقهم (ما أصحاب ) إلخ فلا حاجة إلى جعله من إقامة الظاهر مقام الضمير وفيه نظر ، و (الميمنة ) ناحية اليمين ، أو اليمن والبركة ، و (المشأمة ) ناحية الشمال من اليد الشؤمى وهي الشمال ، أو هي من الشؤم مقابل اليمن ، ورجح إرادة الناحية فيهما بأنها أوفق بما يأتي في التفصيل ، واختلفوا في الفريقين فقيل : أصحاب الميمنة أصحاب المنزلة السنية ، وأصحاب المشأمة أصحاب المنزلة الدنية أخذا من تيمنهم بالميامن وتشؤمهم بالشمائل كما تسمع في السانح والبارح ، وهو مجاز شائع ، وجوز أن يكون كناية ، وقيل : الذين يؤتون صحائفهم بأيمانهم والذين يؤتونها بشمائلهم ، وقيل : الذين يؤخذ بهم ذات اليمين إلى الجنة والذين يؤخذ بهم ذات الشمال إلى النار ، وقيل :

                                                                                                                                                                                                                                      أصحاب اليمن وأصحاب الشؤم ، فإن السعداء ميامين على أنفسهم بطاعتهم والأشقياء مشائيم على أنفسهم [ ص: 132 ]

                                                                                                                                                                                                                                      بمعاصيهم ، وروي هذا عن الحسن والربيع .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية