وقال : الحوراء هي الشديدة بياض العين الشديدة سوادها ، وفي القاموس الحور بالتحريك أن يشتد بياض بياض العين وسواد سوادها وتستدير حدقتها وترق جفونها ويبيض ما حواليها أو شدة بياضها وسوادها في بياض الجسد ، أو اسوداد العين كلها مثل الظباء ولا يكون في بني آدم بل يستعار لها . وإذا صح حديث ابن الأثير لم يعدل في القرآن عن تفسير رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم . أم سلمة مقصورات في الخيام أي مخدرات يقال : امرأة قصيرة ومقصورة أي مخدرة ملازمة لبيتها لا تطوف في الطرق ، قال كثير عزة :
وأنت التي حببت كل قصيرة إلي ولم تشعر بذاك القصائر عنيت قصيرات الحجال ولم أرد
قصار الخطا شر النساء البحاتر
والنساء يمدحن بملازمتهن البيوت لدلالتها على صيانتهن كما قال قيس بن الأسلت :
وتكسل عن جاراتها فيزرنها وتغفل عن أبياتهن فتعذر
وهذا التفسير مأثور عن ابن عباس والحسن وهو رواية عن والضحاك ، وأخرج مجاهد ابن أبي شيبة وهناد بن السري عنه أنه قال : وابن جرير مقصورات قلوبهن وأبصارهن ونفوسهن على أزواجهن ، والأول أظهر ، و في الخيام عليه متعلق بمقصورات ، وعلى الثاني يحتمل ذلك ، ويحتمل كونه صفة ثانية لحور فلا تغفل ، والخيام جمع خيمة - وهي على ما في البحر - بيت من خشب وثمام وسائر الحشيش ، وإذا كان من شعر فهو بيت ولا يقال له خيمة وقال غير واحد : هي كل بيت مستدير أو ثلاثة أعواد أو أربعة يلقى عليها الثمام ويستظل بها في الحر أو كل بيت يبنى من عيدان الشجر وتجمع أيضا على خيمات وخيم بفتح فسكون وخيم بالفتح وكعنب - والخيام هنا بيوت من لؤلؤ - أخرج وجماعة عن ابن أبي شيبة أنه قال : الخيمة من لؤلؤة واحدة مجوفة أربعة فراسخ لها أربعة آلاف مصراع من ذهب ، وأخرج جماعة عن ابن عباس أنه قال : الخيمة لؤلؤة واحدة لها سبعون بابا من در ، وأخرج أبي الدرداء البخاري ومسلم وغيرهم عن والترمذي أبي موسى الأشعري
أهل لا يراهم الآخرون يطوف عليهم المؤمن ، إلى ذلك من الأخبار ، وقوله سبحانه : عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أنه قال : الخيمة درة مجوفة طولها في السماء ستون ميلا في كل زاوية منها للمؤمن [ ص: 124 ] فيهن إلخ دون ما تقدم في الجنتين السابقتين أعني قوله عز وجل : فيهن قاصرات الطرف إلى قوله تعالى : كأنهن الياقوت والمرجان [الرحمن : 58] في المدح عند من فضلهما على الأخيرتين قيل لما في مقصورات على التفسير الثاني من الإشعار بالقسر في القصر ، وأما على تفسيره الأول فكونه دونه ظاهر وإن لم يلاحظ كونها مخدرة فيما تقدم ، أو يجعل قوله تعالى : كأنهن الياقوت والمرجان كناية عنه لأنهما مما يصان كما قيل : (جوهرة أحقاقها الخدور) ومن ذهب إلى تفضيل الأخيرتين يقول : هذا أمدح لعموم خيرات حسان الصفات الحسنة خلقا وخلقا ويدخل في ذلك قصر الطرف وغيره مما يدل عليه التشبيه بالياقوت والمرجان ، والمراد بالقاصر على التفسير الثاني لمقصورات القاصر الطبيعي بقرينة المقام فيكون فيه إشارة إلى تعذر ترك القصر منهن ، و قاصرات الطرف ربما يوهم أن القصر باختيارهن فمتى شئن قصرن ومتى لم يشأن لم يقصرن .