لا يصدعون عنها أي بسببها وحقيقته [ ص: 137 ]
لا يصدر صداعهم عنها ، والمراد أنهم لا يلحق رؤوسهم صداع لأجل خمار يحصل منها كما في خمور الدنيا ، وقيل : لا يفرقون عنها بمعنى لا تقطع عنهم لذتهم بسبب من الأسباب كما تفرق أهل خمر الدنيا بأنواع التفريق . وقرأ «لا يصدعون » بفتح الياء وشد الصاد على أن أصله يتصدعون فأدغم التاء في الصاد أي لا يتفرقون كقوله تعالى : مجاهد يومئذ يصدعون [الروم : 43]، وقرئ «لا يصدعون» بفتح الياء والتخفيف أي لا يصدع بعضهم بعضا ولا يفرقونهم أي لا يجلس داخل منهم بين اثنين فيفرق بين المتقاربين فإنه سوء الأدب وليس من حسن العشرة ولا ينزفون قال مجاهد وقتادة : لا تذهب عقولهم بكسرها من نزف الشارب كعني إذا ذهب عقله ، ويقال للسكران نزيف ومنزوف ، وقيل : وهو من نزف الماء نزحه من البئر شيئا فشيئا فكان الكلام على تقدير مضاف . والضحاك
وقرأ ابن أبي إسحاق وعبد الله والسلمي والجحدري والأعمش وطلحة وعيسى كما أخرج عنه وعاصم «ولا ينزفون» بضم الياء وكسر الزاي من أنزف الشارب إذا ذهب عقله أو شرابه ، ومعناه صار ذا نزف ونظيره أقشع السراب وقشعته الريح وحقيقته دخل في القشع ، وقرأ عبد بن حميد ابن أبي إسحاق أيضا «ولا ينزفون» بفتح الياء وكسر الزاي قال : في المجمع وهو محمول على أنه لا يفنى خمرهم ، والتناسب بين الجملتين على ما سمعت فيهما أولا على قراءة الجمهور أن الأولى لبيان نفي الضرر عن الأجسام ، والثانية لبيان نفي الضرر عن العقول وتأمل لتعرفه إن شاء الله تعالى على ما عدا ذلك