وأيد إرادة النساء بقوله تعالى : إنا أنشأناهن إنشاء لأن الضمير في الأغلب [ ص: 142 ] يعود على مذكور متقدم وليس إلا الفرش ولا يناسب العود إليه إلا بهذا المعنى والاستخدام بعيد هنا ، وعلى القول في الفرش الضمير للنساء وإن لم يجر لها ذكر لتقدم ما يدل عليها فهو تتميم بيانا لمقدر يدل عليه السياق كأنه قيل : وفرش مرفوعة ونساء أو وحور عين ، ثم استؤنف وصفهن بقوله سبحانه : إنا أنشأناهن تتميما للبيان زيادة للترغيب لا لتعليل الرفع ، وقيل : إن المرجع مضمر وتقدير المنزل وفرش مرفوعة لأزواجهم أو لنسائهم فإنا إلخ استئناف علة للرفع أي وفرش مرفوعة لأزواجهم لأنا أنشأناهن ، والأول أوفق لبلاغة القرآن العظيم ، والمراد بأنشأناهن أعدنا إنشاءهن من غير ولادة لأن المخبر عنهن بذلك نساءكن في الدنيا .
فقد أخرج ابن جرير وعبد بن حميد وآخرون عن والترمذي قال : أنس وأخرج «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : في الآية إن المنشئات اللاتي كن في الدنيا عجائز عمشا رمصا » الطبراني وجماعة عن وابن أبي حاتم سلمة بن مرثد الجعفي قال : «سمعت النبي صلى الله تعالى عليه وسلم يقول في قوله تعالى : إنا أنشأناهن إنشاء الثيب والأبكار اللاتي كن في الدنيا » وأخرج في الشمائل الترمذي وغيرهما عن وابن المنذر قال : الحسن إنا أنشأناهن إنشاء إلخ ، وقال «أتت عجوز فقالت : يا رسول الله ادع الله أن يدخلني الجنة فقال : يا أم فلان إن الجنة لا تدخلها عجوز فولت تبكي قال : أخبروها أنها لا تدخلها وهي عجوز إن الله تعالى يقول : : الظاهر أن الإنشاء هو الاختراع الذي لم يسبق بخلق ويكون ذلك مخصوصا بالحور العين فالمعنى إنا ابتدأناهن ابتداء جديدا من غير ولادة ولا خلق أول أبو حيان فجعلناهن أبكارا تفسير لما تقدم ، والجعل إما بمعنى التصيير ، ( وأبكارا ) مفعول ثان ، أو بمعنى الخلق و «أبكارا » حال أو مفعول ثان ، والكلام من قبيل ضيق فم الركية ، وفي الحديث «إن أهل الجنة إذا جامعوا نساءهم عدن أبكارا » أخرجه في الصغير الطبراني عن والبزار مرفوعا
أبي سعيد