فغدت كلا الفرجين تحسب أنه مولى المخافة خلفها وأمامها
أي فغدت كلا جانبيها الخلف والأمام تحسب أنه أولى بأن يكون فيه الخوف ، قال : وحقيقة مولاكم هي على هذا محراكم ومقمنكم أي المكان الذي يقال فيه هو أولى بكم كما قيل : هو مئنة للكرم أي مكان لقول القائل : إنه لكريم فأولى نوع من اسم المكان لوحظ فيه معنى أولى إلا أنه مشتق منه كما أن المئنة ليست مشتقة من إن التحقيقية ، وفي التفسير الكبير إن قولهم ذلك بيان لحاصل المعنى وليس بتفسير اللفظ لأنه لو كان مولى وأولى بمعنى واحد في اللغة لصح استعمال كل منهما في مكان الآخر وكان يجب أن يصح هذا أولى فلان كما يقال : هذا مولى فلان ولما بطل ذلك علمنا أن الذي قالوه معنى وليس بتفسير ، ثم صرح بأنه أراد بذلك رد استدلال الزمخشري الشريف المرتضي بحديث الغدير من كنت مولاه فعلي مولاه على إمامة الأمير كرم الله تعالى وجهه حيث قال : أحد معاني المولى الأولى .
وحمله في الخبر عليه متعين لأن إرادة غيره يجعل الأخبار عبثا كإرادة الناصر والصاحب وابن العم ، أو يجعله كذبا كالمعتق والمعتق ولا يخفى على المنصف أنه إن أراد بكونه معنى لا تفسير ما أشار إليه من التحقيق [ ص: 179 ] فهو لا يرد الاستدلال إذ يكفي الزمخشري للمرتضي أن يقول : المولى في الخبر بمعنى المكان الذي يقال فيه أولى إذ يلزم على غيره العبث أو الكذب وإن أراد أن ذلك معنى لازم لما هو تفسير له كأن يكون تفسيره القائم بمصالحكم ونحوه مما يكون ذلك لازما له ففي رده الاستدلال أيضا تردد ، وإن أراد شيئا آخر فنحن لا ندري ما هو - وهو لم يبينه - والحق أنه ولو جعل المولى بمعنى الأولى أو المكان الذي يقال فيه الأولى لا يتم الاستدلال بالخبر على الإمامة التي تدعيها الإمامية للأمير كرم الله تعالى وجهه لما بين في موضعه ، وفي التحفة الاثني عشرية ما فيه كفاية لطالب الحق .
وقال أي مصيركم وتحقيقه على ما قال ابن عباس الإمام : إن المولى بمعنى موضع الولي وهو القرب والمعنى هي موضعكم الذي تقربون منه وتصلون إليه ، وأنت تعلم أن الإخبار بذلك بعد الإخبار بأنها مأواهم ليس فيه كثير جدوى على أن وضع اسم المكان للموضع الذي يتصف صاحبه بالمأخذ حال كونه فيه والقرب من النار وصف لأولئك قبل الدخول فيها ولا يحسن وصفهم به بعد الدخول ولو اعتبر مجاز الكون كما لا يخفى ، وجوز بعضهم اعتبار كونه اسم مكان من الولي بمعنى القرب لكن على أن المعنى هي مكان قربكم من الله سبحانه ورضوانه على التهكم بهم وقيل : أي متوليكم أن المتصرفة فيكم كتصرفكم فيما أوجبها واقتضاها في الدنيا من المعاصي والتصرف استعارة للإحراق والتعذيب ، وقيل : مشاكلة تقديرية وبئس المصير أي النار وهي المخصوص بالذم المحذوف لدلالة السياق ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله استئناف لعتاب المؤمنين على الفتور والتكاسل فيما ندبوا إليه والمعاتب على ما قاله طائفة من المؤمنين وإلا فمنهم من لم يزل خاشعا منذ أسلم إلى أن ذهب إلى ربه ، وما نقل عن الزجاج الكلبي أن الآية نزلت في المنافقين فهم المراد بالذين آمنوا مما لا يكاد يصح ، وقد سمعت صدر السورة الكريمة ما روي عن ومقاتل رضي الله تعالى عنه . ابن مسعود
وأخرج ابن المبارك وعبد الرزاق وابن المنذر قال : لما قدم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فأصابوا من لين العيش ما أصابوا بعد ما كان لهم من الجهد فكأنهم فتروا عن بعض ما كانوا عليه فعوتبوا فنزلت والأعمش