الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      يا أيها الذين آمنوا استظهر أبو حيان كون الخطاب لمن آمن من أمته صلى الله تعالى عليه وسلم غير أهل الكتاب والآثار تؤيد ذلك ، أخرج الطبراني في الأوسط عن ابن عباس وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قالا : إن أربعين من أصحاب النجاشي قدموا على النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فشهدوا معه أحدا فكانت فيهم جراحات ولم يقتل منهم أحد فلما رأوا ما بالمؤمنين من الحاجة قالوا : يا رسول الله إنا أهل ميسرة فأذن لنا نجيء بأموالنا نواسي بها المسلمين فأنزل الله تعالى فيهم الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون إلى قوله سبحانه : أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا [القصص : 52 - 54] فجعل لهم أجرين فلما نزلت هذه الآية قالوا : يا معشر المسلمين أما من آمن منا بكتابكم فله أجران ومن لم يؤمن بكتابكم فله أجر كأجوركم فأنزل الله تعالى يا أيها الذين آمنوا الآية أي أي رادا عليهم قولهم : ومن لم يؤمن بكتابكم فله أجر كأجوركم .

                                                                                                                                                                                                                                      وفي الكشاف إن قائل ذلك من لم يكن آمن من أهل الكتاب قالوه حين سمعوا تلك الآية يفخرون به على المسلمين ، والمعنى يا أيها الذين اتصفوا بالإيمان اتقوا الله اثبتوا على تقواه عز وجل فيما نهاكم عنه . وآمنوا برسوله واثبتوا على الإيمان برسوله الذي أرسله إليكم وهو محمد صلى الله تعالى عليه وسلم ، وفي التعبير عنه بذلك ما لا يخفى من الدلالة على جلالة قدره عليه الصلاة والسلام يؤتكم بسبب ذلك . كفلين من رحمته قال أبو موسى الأشعري : ضعفين بلسان الحبشة ، وقال غير واحد : نصيبين ، والمراد إيتاؤهم أجرين كمؤمني أهل الكتاب كأنه قيل : يؤتكم ما وعد من آمن من أهل الكتاب من الأجرين لأنكم مثلهم في الإيمان بالرسل المتقدمين وبخاتمهم صلى الله تعالى عليه وسلم عليهم أجمعين لا تفرقوا بين أحد من رسله .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال الراغب : الكفل الحظ الذي فيه الكفاية كأنه تكفل بأمره ، والكفلان هما المرغوب فيهما بقوله تعالى ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة [البقرة : 201] ولا دلالة على التخصيص . ويجعل لكم نورا تمشون به يوم القيامة وهو النور المذكور في قوله تعالى : يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم [الحديد : 12] ويغفر لكم ما سلف منكم والله غفور رحيم أي مبالغ في المغفرة والرحمة فلا بدع إذا فعل سبحانه ما فعل .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية