وقيل المعنى أنه لو استقام الجن على طريقتهم وهي الكفر ولم يسلموا باستماع القرآن لوسعنا عليهم الرزق استدراجا لنوقعهم في الفتنة ونعذبهم في كفران النعمة وروي نحو هذا عن الضحاك والربيع بن أنس وزيد بن أسلم وأبي مجلز بيد أنهم أعادوا الضمير على من أسلم وقالوا أي لو كفر من أسلم من الناس لأسقيناهم إلخ وهو مخالف للظاهر لاستعمال الاستقامة على الطريقة في الاستقامة على الكفر وكون النعمة المذكورة استدراجا من غير قرينة عليه مع أن قوله تعالى ولو أن أهل القرى آمنوا [الأعراف: 96] إلخ يؤيد الأول .
وزعم الطيبي أن التذييل بقوله ( عز وجل ومن يعرض عن ذكر ربه ) إلخ ينصر ما قيل قال لأنه توكيد لمضمون السابق من الوعيد أي لنستدرجهم فيتبعوا الشهوات التي هي موجبة للبطر والإعراض عن ذكر الله تعالى وفيه نظر والذكر مصدر مضاف لمفعوله تجوز به عن العبادة أو هو بمعنى التذكير مضاف لفاعله ويفسر بالموعظة وقال بعضهم المراد بالذكر الوحي أن ومن يعرض عن عبادة ربه تعالى أو عن موعظته سبحانه أو عن وحيه ( عز وجل يسلكه ) مضمن معنى ندخله ولذا تعدى إلى المفعول الثاني أعني قوله تعالى عذابا صعدا بنفسه دون في أو هو من باب الحذف والإيصال والصعد مصدر وصف به مبالغة أو تأويلا أي ندخله عذابا يعلو المعذب ويغلبه وفسر بشاق يقال فلان في صعد من أمره أي في مشقة ومنه قول رضي الله تعالى عنه ما تصعدني شيء كما تصعدني خطبة النكاح أي ما شق علي وكأنه أخذ إنما قال ذلك لأنه كان من عادتهم أن يذكروا جميع ما كان في الخاطب من الأوصاف الموروثة والمكتسبة فكان يشق عليه ارتجالا، أو كان يشق أن يقول الصدق في وجه الخاطب وعشيرته وقيل إنما شق من الوجوه ونظر بعضهم إلى بعض وقال عمر أبو سعيد الخدري : صعد جبل في النار قال وابن عباس الخدري كلما وضعوا أيديهم عليه ذابت وقال هو صخرة ملساء في جهنم يكلف صعودها فإذا انتهى إلى أعلاها جدر إلى جهنم . عكرمة
فعلى هذا قال : يجوز أن يكون بدلا من عذاب على حذف مضاف أي عذاب صعد ويجوز أن يكون مفعول نسلكه وعذابا مفعول من أجله الكوفيون أبو حيان يسلكه بالياء وباقي السبعة بالنون وابن جندب بالنون من أسلك وبعض التابعين بالياء كذلك وهما لغتان سلك وأسلك قال الشاعر يصف جيشا مهزومين:
[ ص: 91 ]
حتى إذا أسلكوهم في قتائدة شلا كما تطرد الجمالة الشردا
وقرأ قوم «صعدا» بضمتين وابن عباس بضم الصاد وفتح العين قال والحسن معناه لا راحة فيه . الحسن