وألقت ما فيها أي: رمت ما في جوفها من الموتى والكنوز، كما أخرج ذلك عبد الرزاق عن وعبد بن حميد وإليه ذهب قتادة واقتصر بعضهم الزجاج، كابن جبير وجماعة على الموتى بناء على أن إلقاء الكنوز إذا خرج الدجال، وكأن من ذهب إلى الأول لا يسلم إلقاء الكنوز يومئذ، ولو سلم يقول: يجوز أن لا يكون عاما لجميع الكنوز، وإنما يكون كذلك يوم القيامة، والقول بأن يوم القيامة متسع يجوز أن يدخل فيه وقت خروج الدجال ينبغي أن يلقى ولا يلتفت إليه.
وتخلت أي: وخلت عما فيها غاية الخلو حتى لم يبق فيها شيء من ذلك كأنها تكلفت في ذلك أقصى جهدها فصيغة التفعل للتكلف والمقصود منه المبالغة كما في قولك: تحلم الحليم، وتكرم الكريم. وقيل: «تخلت» ممن على ظهرها من الأحياء، وقيل: مما على ظهرها من جبالها وبحارها، وكلا القولين كما ترى.
وقد أخرج أبو القاسم الحبيلي في الديباج عن رضي الله تعالى عنهما عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أنه قال: ابن عمر «أنا أول من تنشق عنه الأرض فأجلس جالسا في قبري وإن الأرض تحرك بي فقلت لها ما لك؟ فقالت: إن ربي أمرني أن ألقي ما في جوفي، وأن أتخلى فأكون كما كنت إذ لا شيء في».
وذلك قوله تعالى: وألقت ما فيها وتخلت وأذنت لربها في الإلقاء وما بعده وحقت الكلام فيه نظير ما تقدم، وفيه إشارة إلى أن ما ذكر وإن أسند إلى الأرض فهو بفعل الله تعالى وقدرته عز وجل، وتكرير كلمة «إذا» لاستقلال كل من الجملتين بنوع من القدرة.