فقوله تعالى: إرم عطف بيان لعاد للإيذان بأنهم عاد الأولى تجوز أن يكون بدلا، ومنع من الصرف للعلمية والتأنيث باعتبار القبيلة، وصرف عاد باعتبار الحي، وقد يمنع من الصرف باعتبار القبيلة أيضا. وقرأ بذلك في إحدى الروايتين عنه ورجح اعتبار الصرف فيه بخفته لسكون وسطه، وقدر بعضهم مضافا [ ص: 123 ] في الكلام؛ أي: سبط إرم، وجعل إرم عليه اسم أمهم وهو قول فيه حكاه في القاموس. ووجه منع الصرف فيه ظاهر، وأبى بعضهم إلا جعله اسم جدهم ومعنى كونهم سبطه أنهم ولد ولده ولا يظهر على هذا علة منع صرفه، ولعل ذلك هو الذي دعا إلى جعله اسم أمهم، لكن رأيت في تعليقات بعض الأفاضل على الحواشي العصامية على تفسير الضحاك أن إرم إنما منع من الصرف سواء كان اسما للقبيلة أم لجدها للعلمية والعجمة، وقال: إنهما موجودتان في عاد أيضا إلا أنه لكونه ثلاثيا ساكن الوسط يجوز فيه الأمران الصرف وعدمه، وزعم أن هذا هو الحق وبكونه اسم القبيلة قال البيضاوي مجاهد وقتادة وابن إسحاق، ولا حاجة معه إلى تقدير مضاف، فقوله تعالى: ذات العماد صفة ل إرم نفسها، والمراد ذات القدود الطوال على تشبيه قاماتهم بالأعمدة، ومنه قولهم: رجل معمد وعمدان إذا كان طويلا، وروي هذا عن ابن عباس واشتهر أنه كان قد أحدهم اثني عشر ذراعا وأكثر. وفي تفسير ومجاهد الكواشي قالوا: كان طول الطويل منهم أربعمائة ذراع، وكان أحدهم يأخذ الصخرة العظيمة فيقلبها على الحي فيهلكهم. عن قتادة في رواية وابن عباس المراد ذات الخيام والأعمدة وكانوا سيارة في الربيع، فإذا هاج النبت رجعوا إلى منازلهم. وقال غير واحد: كانوا بدويين أهل عمدة وخيام يسكنونها حلا وارتحالا. وقيل: المراد ذات الرفعة أو ذات الوقار أو ذات الثبات وطول العمر، والكل على الاستعارة. عطاء: