وهديناه النجدين أي: طريقي الخير والشر كما أخرجه وصححه الحاكم وغيرهما عن والطبراني وأخرجه ابن مسعود عبد بن حميد عن وابن جرير وروي عن ابن عباس عكرمة وآخرين، وأخرجه والضحاك عن الطبراني مرفوعا، والنجد مشهور في الطريق المرتفع قال أبي أمامة امرؤ القيس:
فريقان منهم جازع بطن نخلة وآخر منهم قاطع نجد كبكب
وسميت نجد به لارتفاعها عن انخفاض تهامة والامتنان المحدث عنه بأن هداه سبحانه وبين له تعالى شأن ما إن سلكه نجا وما إن سلكه هلك، ولا يتوقف الامتنان على سلوك طريق الخير. وقد جعل الإمام هذه الآية كقوله تعالى: إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا ووصف سبيل الخير بالرفعة والنجدية ظاهر بخلاف سبيل الشر فإن فيه هبوطا من ذروة الفطرة إلى حضيض الشقاوة؛ فهو على التغليب أو على توهم المتخيلة له صعودا ولذا استعمل الترقي في الوصول إلى كل شيء وتكميله كذا قيل.وأخرج ابن جرير من طرق عن وابن أبي حاتم أنهما الثديان، وروي ذلك عن ابن عباس أي: ثديي الأم لأنهما كالطريقين لحياة الولد ورزقه، والارتفاع فيهما ظاهر، والبطن تحتهما كالغور، والعرب تقسم بثديي الأم فتقول: أما ونجديها ما فعلت. ونسب هذا التفسير ابن المسيب؛ كرم الله [ ص: 137 ] تعالى وجهه أيضا. والمذكور في الدر المنثور من رواية لعلي الفريابي وكذا في مجمع البيان عنه كرم الله تعالى وجهه أن أناسا يقولون: إن النجدين الثديان، فقال: لا، هما الخير والشر. وعبد بن حميد،
ولعل القائل بذلك رأى أن اللفظ يحتمله مع ظهور الامتنان عليه جدا.