وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين الضمير للصلاة كما يقتضيه الظاهر، وتخصيصها برد الضمير إليها لعظم شأنها، واستجماعها ضروبا من الصبر، ومعنى كبرها ثقلها وصعوبتها على من يفعلها على حد قوله تعالى : كبر على المشركين ما تدعوهم إليه والاستثناء مفرغ أي كبيرة على كل أحد إلا على الخاشعين، وهم المتواضعون المستكينون، وأصل الخشوع الإخبات، ومنه الخشعة بفتحات الرمل المتطامن، وإنما لم تثقل عليهم لأنهم عارفون بما يحصل لهم فيها، متوقعون ما ادخر من ثوابها، فتهون عليهم ولذلك قيل : من عرف ما يطلب هان عليه ما يبذل، ومن أيقن بالخلف جاد بالعطية، وجوز رجوع الضمير إلى الاستعانة على حد اعدلوا هو أقرب للتقوى ورجح بالشمول، وما يقال : إن الاستعانة ليست بكبيرة لا طائل تحته، فإن الاستعانة بالصلاة أخص من فعل الصلاة لأنها أداؤها على وجه الاستعانة بها على الحوائج، أو على سائر الطاعات لاستجرارها ذلك، وقيل : يجوز أن يكون من أسلوب: والله ورسوله أحق أن يرضوه وقوله :
إن شرخ الشباب والشعر الأس ود ما لم يعاص كان جنونا
والتأنيث مثله في قوله تعالى على رأي : والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها أو المراد كل خصلة منها، وقيل : الضمير راجع إلى المذكورات المأمور بها، والمنهي عنها، ومشقتها عليهم ظاهرة، وهو أقرب مما قاله من رجوعه إلى إجابة الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم، والبعيد بل الأبعد عوده إلى الأخفش الكعبة المفهومة من ذكر الصلاة،