قوله عز وجل : وكان الكافر على ربه ظهيرا فيه وجهان :
أحدهما : عونا ، مأخوذ من المظاهر وهي المعونة ، ومعنى قوله على ربه أي على أولياء ربه .
الثاني : هينا ، مأخوذ من قولهم: ظهر فلان بحاجتي إذا تركها واستهان بها قال تعالى : واتخذتموه وراءكم ظهريا [هود : 92] أي هينا ، ومنه قول الفرزدق:
تميم بن زيد لا تكونن حاجتي بظهر فلا يعيا علي جوابها
قيل إنها نزلت في أبي جهل .
قوله عز وجل : وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن أنسجد لما تأمرنا وزادهم نفورا فيه ثلاثة أقاويل :
أحدها : أن العرب لم تكن تعرف الرحمن في أسماء الله تعالى : وكان مأخوذا من الكتاب، فلما دعوا إلى السجود لله تعالى بهذا الاسم سألوا عنه مسألة الجاهل به فقالوا : وما الرحمن أنسجد لما تأمرنا .
الثاني : أن مسيلمة الكذاب كان يسمى الرحمن ، فلما سمعوا هذا الاسم في [ ص: 153 ] القرآن حسبوه مسيلمة ، فأنكروا ما دعوا إليه من السجود له .
والثالث : أن هذا قول قوم كانوا يجحدون التوحيد ولا يقرون بالله تعالى ، فلما أمروا أن يسجدوا للرحمن ازدادوا نفورا مع هواهم بما دعوا إليه من الإيمان ، وإلا فالعرب المعترفون بالله الذين يعبدون الأصنام لتقربهم إلى الله زلفى كانوا يعرفون الرحمن في أسمائه وأنه اسم مسمى من الرحمة يدل على المبالغة في الوصف ، وهذا قول ابن بحر .