قوله تعالى : إن هؤلاء لشرذمة قليلون في الشرذمة وجهان :
أحدهما : أنهم سفلة الناس وأدنياؤهم ، قاله الضحاك ، ومنه قول الأعشى :
وهم الأعبد في أحيائهم لعبيد وتراهم شرذمة .
[ ص: 171 ] الثاني : أنهم العصبة الباقية من عصبة كبيرة وشرذمة كل شيء بقيته القليلة . ويقال لما قطع من فضول النعال من الجلد شراذم ، وللقميص إذا خلق شراذم ، وأنشد أبو عبيدة :
جاء الشتاء وقميصي أخلاق شراذم يضحك منها التواق
واختلف في عدد بني إسرائيل حين قال فرعون فيهم : إنهم لشرذمة قليلون ، على أربعة أقاويل :
أحدها : ستمائة وتسعين ألفا ، قال مقاتل : لا يعد ابن عشرين سنة لصغره ولا ابن ستين لكبره ، وهو قول السدي .
الثالث : كانوا ستمائة ألف مقاتل ، قاله قتادة .
الرابع : كانوا خمسمائة ألف وثلاثة آلاف وخمسمائة ، وإنما استقل هذا العدد لأمرين :
أحدهما : لكثرة من قتل منهم .
الثاني : لكثرة من كان معه ، حكى السدي أنه كان على مقدمته هامان في ألف ألف وسبعمائة ألف حصان ليس فيها ماديانه ، وقال الضحاك كانوا سبعة آلاف ألف .
قوله تعالى : وإنا لجميع حاذرون قراءة ابن كثير ونافع ، وأبي عمرو ، وقرأ الباقون حاذرون وفيه أربعة أوجه :
أحدها : أنهما لغتان ومعناهما واحد ، حكاه ابن شجرة وقاله أبو عبيدة واستشهد بقول الشاعر:
وكنت عليه أحذر الموت وحده فلم يبق لي شيء عليه أحاذره
[ ص: 172 ] الثاني : أن الحذر المطبوع على الحذر ، والحاذر الفاعل الحذر ، حكاه ابن عيسى .
الثالث : أن الحذر الخائف والحاذر المستعد .
الرابع : أن الحذر المتيقظ ، والحاذر آخذ السلاح ، لأن السلاح يسمى حذرا قاله الله تعالى : وخذوا حذركم [النساء : 102] أي سلاحكم ، وقرأ ابن عامر .
( حادرون ) بدال غير معجمة وفي تأويله وجهان :
أحدهما : أقوياء من قولهم جمل حادر إذا كان غليظا .
الثاني : مسرعون .
قوله تعالى : وكنوز فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : الخزائن .
الثاني : الدفائن .
الثالث : الأنهار ، قاله الضحاك .
ومقام كريم فيه ثلاثة أقاويل :
أحدها : أنها المنابر ، قاله ابن عباس ، ومجاهد .
الثاني : مجالس الأمراء ، حكاه ابن عيسى .
الثالث : المنازل الحسان ، قاله ابن جبير .
ويحتمل رابعا : أنها مرابط الخيل لتفرد الزعماء بارتباطها عدة وزينة فصار مقامها أكرم منزول .


