[ ص: 240 ]
سورة البروج
بسم الله الرحمن الرحيم
والسماء ذات البروج واليوم الموعود وشاهد ومشهود قتل أصحاب الأخدود النار ذات الوقود إذ هم عليها قعود وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهود وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد الذي له ملك السماوات والأرض والله على كل شيء شهيد إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق
قوله تعالى والسماء ذات البروج هذا قسم ، وفي البروج أربعة أقاويل : أحدها : ذات النجوم ، قاله الحسن ومجاهد وقتادة . والضحاك
الثاني : ذات القصور ، قاله . ابن عباس
الثالث : ذات الخلق الحسن ، قاله . المنهال بن عمرو
الرابع : ذات المنازل ، قاله وهي اثنا عشر برجا رصدتها يحيى بن سلام العرب والعجم ، وهي منازل الشمس والقمر . واليوم الموعود روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه يوم القيامة ، وسمي بذلك لأنهم وعدوا فيه بالجزاء بعد البعث . أبو هريرة
[ ص: 241 ]
وشاهد ومشهود فيه خمسة أقاويل : أحدها : أن الشاهد يوم الجمعة ، والمشهود يوم عرفة ، روى ذلك أبو عرفة ، روى ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم . أبو هريرة
الثاني : أن الشاهد يوم النحر ، والمشهود يوم عرفة ، قاله إبراهيم .
الثالث : أن الشاهد الملائكة ، والمشهود الإنسان ، قاله . سهل بن عبد الله
الرابع : أن الشاهد الجوارح ، والمشهود النفس ، وهو محتمل .
الخامس : أن المشهود يوم القيامة . وفي الشاهد على هذا التأويل خمسة أقاويل : أحدها : هو الله تعالى ، حكاه . ابن عيسى
الثاني : هو آدم عليه السلام ، قاله . مجاهد
الثالث : هو عيسى ابن مريم ، رواه . ابن أبي نجيح
الرابع : هو محمد صلى الله عليه وسلم ، قاله الحسن بن علي وابن عمر ، لقوله تعالى : وابن الزبير فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا الخامس : هو الإنسان ، قاله . ابن عباس قتل أصحاب الأخدود قال : هذا جواب القسم ، وقال غيره : الجواب الفراء إن بطش ربك لشديد والأخدود : الشق العظيم في الأرض ، وجمعه أخاديد ، ومنه الخد لمجاري الدموع فيه ، والمخدة لأن الخد يوضع عليها ، وهي حفائر شقت في الأرض وأوقدت نارا وألقي فيها مؤمنون امتنعوا من الكفر . واختلف فيهم ، فقال : إنهم من علي الحبشة ، وقال : كانوا من أهل مجاهد نجران ، وقال كانوا نبطا ، وقال عكرمة : كانوا من بني إسرائيل ، وقال ابن عباس عطية [ ص: 242 ] العوفي : هم دانيال وأصحابه ، وقال : هم قوم من أهل الحسن اليمن ، وقال عبد الرحمن بن الزبير : هم قوم من النصارى كانوا بالقسطنطينية زمان قسطنطين ، وقال : هم قوم من النصارى كانوا الضحاك باليمن قبل مبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بأربعين سنة ، أخذهم يوسف بن شراحيل بن تبع الحميري وكانوا نيفا وثمانين رجلا ، وحفر لهم أخدودا أحرقهم فيه ، وقال : الأخدود ثلاثة : واحد السدي بالشام وواحد بالعراق ، وواحد باليمن . وفي قوله : قتل أصحاب الأخدود وجهان :
أحدهما : أهلك المؤمنون .
الثاني : لعن الكافرون الفاعلون ، وقيل إن النار صعدت إليهم وهم شهود عليها فأحرقتهم ، فلذلك قوله تعالى : فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق يعني في الدنيا . وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهود فيه وجهان :
أحدهما : أن أصحاب الأخدود هم على عذاب المؤمنين فيها شهود ، وهو ظاهر من قول . قتادة
الثاني : أنهم شهود على المؤمنين بالضلال ، قاله . مقاتل