سورة الطارق
بسم الله الرحمن الرحيم
والسماء والطارق وما أدراك ما الطارق النجم الثاقب إن كل نفس لما عليها حافظ فلينظر الإنسان مم خلق خلق من ماء دافق يخرج من بين الصلب والترائب إنه على رجعه لقادر يوم تبلى السرائر فما له من قوة ولا ناصر
قوله تعالى والسماء والطارق هما قسمان : (والسماء) قسم ، (والطارق) قسم . (الطارق) نجم ، وقد بينه الله تعالى بقوله : وما أدراك ما الطارق النجم الثاقب ومنه قول هند بنت عتبة
نحن بنات طارق نمشي على النمارق
تقول : نحن بنات النجم افتخارا بشرفها ، وإنما سمي النجم طارقا لاختصاصه بالليل ، والعرب تسمي كل قاصد في الليل طارقا ، قال الشاعر
ألا طرقت بالليل ما هجعوا هند وهند أتى من دونها النأي والصد
وأصل الطرق الدق ، ومنه سميت المطرقة ، فسمي قاصد الليل طارقا لاحتياجه في الوصول إلى الدق .
[ ص: 246 ]
وفي قوله (النجم) الثاقب ستة أوجه :
أحدها : المضيء ، قاله . ابن عباس
الثاني : المتوهج ، قاله . مجاهد
الثالث : المنقص ، قاله . عكرمة
الرابع : أن الثاقب الذي قد ارتفع على النجوم كلها ، قاله . الفراء
الخامس : الثاقب : الشياطين حين ترمى ، قاله . السدي
السادس : الثاقب في مسيره ومجراه ، قاله . وفي هذا النجم الثاقب قولان : الضحاك
أحدهما : أنه زحل ، قاله . علي
الثاني : الثريا ، قاله . ابن زيد إن كل نفس لما عليها حافظ فيه وجهان :
أحدهما : (لما) بمعنى إلا ، وتقديره : إن كل نفس إلا عليها حافظ ، قاله . قتادة
الثاني : أن (ما) التي بعد اللام صلة زائدة ، وتقديره : إن كل نفس لعليها حافظ ، قاله . وفي الحافظ قولان : الأخفش
أحدهما : حافظ من الله يحفظ عليه أجله ورزقه ، قاله . ابن جبير
الثاني : من الملائكة يحفظون عليه عمله من خير أو شر ، قاله . ويحتمل ثالثا : أن يكون الحافظ الذي عليه عقله ، لأنه يرشده إلى مصالحه ، ويكفه عن مضاره . قتادة يخرج من بين الصلب والترائب فيه قولان :
أحدهما : من بين صلب الرجل وترائبه ، قاله الحسن . وقتادة
[ ص: 247 ]
الثاني : بمعنى أصلاب الرجال وترائب النساء . وفي الترائب ستة أقاويل : أحدها : أنه الصدر ، قاله ، ومنه قول ابن عياض دريد بن الصمة .
فإن تدبروا نأخذكم في ظهوركم وإن تقبلوا نأخذكم في الترائب
الثاني : ما بين المنكبين إلى الصدر ، قاله . مجاهد
الثالث : موضع القلادة ، قاله ، قال الشاعر ابن عباس
والزعفران على ترائبها شرق به اللبات والنحر
الرابع : أنها أربعة أضلاع من الجانب الأسفل ، قاله ، وحكى ابن جبير أن الترائب أربعة أضلاع من يمنة الصدر وأربعة أضلاع من يسرة الصدر . الزجاج
الخامس : أنها بين اليدين والرجلين والعينين ، قاله . الضحاك
السادس : هي عصارة القلب ، قاله معمر بن أبي حبيبة . إنه على رجعه لقادر فيه خمسة أوجه :
أحدها : على أن يرد المني في الإحليل ، قاله . مجاهد
الثاني : على أن يرد الماء في الصلب ، قاله . عكرمة
الثالث : على أن يرد الإنسان من الكبر إلى الشباب ، ومن الشباب إلى الصبا ، ومن الصبا إلى النطفة ، قاله . الضحاك
الرابع : على أن يعيده حيا بعد موته ، قاله الحسن وعكرمة . وقتادة
الخامس : على أن يحبس الماء فلا يخرج . ويحتمل سادسا : على أن يعيده إلى الدنيا بعد بعثه في الآخرة لأن الكفار يسألون الله فيها الرجعة . يوم تبلى السرائر أي تظهر . ويحتمل ثانيا : أن تبتلى بظهور السرائر في الآخرة بعد استتارها في الدنيا .
وفيها قولان :
[ ص: 248 ]
أحدهما : كل ما استتر به الإنسان من خير وشر ، وأضمره من إيمان أو كفر ، كما قال الأحوص
ستبلى لكم في مضمر السر والحشا سريرة ود يوم تبلى السرائر .
الثاني : هو ما رواه خالد عن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : زيد بن أسلم ، استأمن الله ابن آدم على الصلاة ، فإن شاء قال : قد صليت ولم يصل ، استأمن الله ابن آدم على الصوم ، فإن شاء قال : قد صمت ولم يصم ، استأمن الله ابن آدم على الجنابة ، فإن شاء قال : قد اغتسلت ولم يغتسل ، اقرؤوا إن شئتم : يوم تبلى السرائر ) (الأمانات ثلاث : الصلاة والصوم والجنابة . فما له من قوة ولا ناصر فيه قولان :
أحدهما : أن القوة العشيرة ، والناصر : الحليف ، قاله . سفيان
الثاني : فما له من قوة في بدنه ، ولا ناصر من غيره يمتنع به من الله ، أو ينتصر به على الله ، وهو معنى قول . ويحتمل ثالثا : فما له من قوة في الامتناع ، ولا ناصر في الاحتجاج . قتادة