قوله عز وجل: هو الذي يريكم البرق خوفا وطمعا فيه ثلاثة تأويلات: أحدها: خوفا للمسافر من أذيته ، وطمعا للمقيم في بركته ، قاله قتادة .
الثاني: خوفا من صواعق البرق ، وطمعا في غيثه المزيل للقحط ، قاله الحسن. وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سمع صوت الرعد قال: (اللهم لا تقتلنا بغضبك ولا تهلكنا بعذابك وعافنا قبل ذلك) .
الثالث: خوفا من عقابه وطمعا في ثوابه. وينشئ السحاب الثقال قال مجاهد: ثقال بالماء. قوله عز وجل: ويسبح الرعد بحمده وفي الرعد قولان: أحدهما: أنه الصوت المسموع ، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (الرعد وعيد من الله فإذا سمعتموه فأمسكوا عن الذنوب) .
[ ص: 101 ] الثاني: أن الرعد ملك ، والصوت المسموع تسبيحه ، قاله عكرمة. والملائكة من خيفته فيه وجهان: أحدهما: وتسبح الملائكة من خيفة الله تعالى ، قاله ابن جرير.
الثاني: من خيفة الرعد ، ولعله قول مجاهد. ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء اختلف فيمن نزل ذلك فيه على ثلاثة أقاويل: أحدها: أنها نزلت في رجل أنكر القرآن وكذب النبي صلى الله عليه وسلم فأخذته صاعقة ، قاله قتادة .
الثاني: في أربد بن ربيعة وقد كان هم بقتل النبي صلى الله عليه وسلم مع عامر بن الطفيل فتيبست يده على سيفه ، وعصمه الله تعالى منهما ، ثم انصرف فأرسل الله تعالى عليه صاعقة أحرقته. قال ابن جرير: وفي ذلك يقول أخوه لبيد :
أخشى على أربد الحتوف ولا أرهب نوء السماك والأسد فجعني البرق والصواعق بالفا
رس يوم الكريمة النجد
الثالث: أنها نزلت في يهودي جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أخبرني عن ربك من أي شيء ، من لؤلؤ أو ياقوت؟ فجاءت صاعقة فأخذته ، قال علي وابن عباس ومجاهد. روى أبان عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (لا تأخذ الصاعقة ذاكرا لله عز وجل) .
[ ص: 102 ] وهم يجادلون في الله فيه وجهان: أحدهما: يعني جدال اليهودي حين سأل عن الله: من أي شيء هو؟ قاله مجاهد .
الثاني: جدال أربد فيما هم به من قتل النبي صلى الله عليه وسلم ، قاله ابن جريج. وهو شديد المحال فيه تسعة تأويلات: أحدها: يعني شديد العداوة ، قاله ابن عباس .
الثاني: شديد الحقد ، قاله الحسن.
الثالث: شديد القوة ، قاله مجاهد .
الرابع: شديد الغضب ، قاله وهب بن منبه.
الخامس: شديد الحيلة ، قاله قتادة والسدي.
السادس: شديد الحول ، قاله ابن عباس أيضا.
السابع: شديد الإهلاك بالمحل وهو القحط ، قاله الحسن أيضا.
الثامن: شديد الأخذ ، قاله علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
التاسع: شديد الانتقام والعقوبة ، قاله أبو عبيدة وأنشد لأعشى بني ثعلبة :
فرع نبع يهتز في غصن المج د كريم الندى عظيم المحال
[ ص: 103 ]


