وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة لتبتغوا فضلا من ربكم ولتعلموا عدد السنين والحساب وكل شيء فصلناه تفصيلا
فيه وجهان:
أحدهما: أن يراد أن الليل والنهار آيتان في أنفسهما، فتكون الإضافة في آية الليل وآية النهار للتبيين، كإضافة العدد إلى المعدود، أي: فمحونا الآية التي هي الليل، وجعلنا الآية التي هي النهار مبصرة.
والثاني: أن يراد: وجعلنا نيري الليل والنهار آيتين، يريد الشمس والقمر، فمحونا آية الليل: أي: جعلنا الليل ممحو الضوء مطموسه مظلما، لا يستبان فيه شيء كما لا يستبان ما في اللوح الممحو، وجعلنا النهار مبصرا أي: تبصر فيه الأشياء وتستبان، أو فمحونا آية الليل: التي هي القمر; حيث لم يخلق لها شعاعا كشعاع الشمس، فترى به الأشياء رؤية بينة، وجعلنا الشمس ذات شعاع يبصر في ضوئها كل شيء، لتبتغوا فضلا من ربكم : لتتوصلوا ببياض النهار إلى استبانة أعمالكم والتصرف في معايشكم، ولتعلموا : باختلاف الجديدين، عدد السنين والحساب : جنس، ( الحساب ) : وما يحتاجون إليه منه ولولا ذلك لما علم أحد حسبان الأوقات، ولتعطلت الأمور، وكل شيء : مما تفتقرون إليه في دينكم ودنياكم، فصلناه : بيناه بيانا غير ملتبس، فأزحنا عللكم، وما تركنا لكم حجة علينا.