وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا
طائره : عمله، وقد حققنا القول فيه في سورة النمل، وعن : هو من قولك: طار له سهم، إذا خرج، يعني: ألزمناه ما طار من عمله، والمعنى: أن عمله لازم له لزوم القلادة أو الغل لا يفك عنه، ومنه مثل ابن عيينة العرب: تقلدها طوق الحمامة، وقولهم: [ ص: 499 ] الموت في الرقاب، وهذا وبقة في رقبته، عن يا ابن الحسن: آدم، بسطت لك صحيفة إذا بعثت قلدتها في عنقك، وقرئ : "في عنقه" بسكون النون، وقرئ : "ونخرج" بالنون، "ويخرج" بالياء، والضمير لله عز وجل، "ويخرج" على البناء للمفعول، ويخرج من خرج، والضمير للطائر، أي: يخرج الطائر كتابا، وانتصاب "كتابا" على الحال، وقرئ : "يلقاه": بالتشديد مبنيا للمفعول، و يلقاه منشورا : صفتان للكتاب، أو "يلقاه": صفة، و"منشورا": حال من يلقاه، "اقرأ": على إرادة القول، وعن : يقرأ ذلك اليوم من لم يكن في الدنيا قارئا، و "بنفسك": فاعل كفي، و"حسيبا": تمييز وهو بمعنى: حاسب كضريب القداح بمعنى: ضاربها، وصريم بمعنى: صارم، ذكرهما قتادة ، وعلى متعلق به من قولك حسب عليه كذا، ويجوز أن يكون بمعنى: الكافي وضع موضع الشهيد فعدي بعلى; لأن الشاهد يكفي المدعي ما أهمه. سيبويه
فإن قلت: لم ذكر حسيبا ؟
قلت: لأنه بمنزلة الشهيد والقاضي والأمير; لأن الغالب أن هذه الأمور يتولاها الرجال، فكأنه قيل: كفي بنفسك رجلا حسيبا، ويجوز أن يتأول النفس بالشخص، كما يقال: ثلاثة أنفس، وكان الحسن إذا قرأها قال: يا ابن آدم، أنصفك والله من جعلك حسيب نفسك.