وإما تعرضن عنهم ابتغاء رحمة من ربك ترجوها فقل لهم قولا ميسورا
وإن أعرضت عن ذي القربى والمسكين وابن السبيل حياء من الرد، فقل لهم قولا ميسورا : فلا تتركهم غير مجابين إذا سألوك، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا سئل شيئا وليس عنده أعرض عن السائل وسكت حياء، قوله: وإما تعرضن عنهم ابتغاء رحمة من ربك إما أن يتعلق بجواب الشرط مقدما عليه، أي: فقل لهم قولا سهلا لينا وعدهم وعدا جميلا، رحمة لهم وتطييبا لقلوبهم، ابتغاء رحمة من ربك، أي: ابتغ رحمة الله التي ترجوها برحمتك عليهم، وإما أن يتعلق بالشرط، أي: وإن أعرضت عنهم لفقد رزق من ربك ترجو أن يفتح لك، فسمى الرزق رحمة، فردهم ردا جميلا، فوضع الابتغاء موضع الفقد; لأن فاقد الرزق مبتغ له، فكان الفقد سبب الابتغاء والابتغاء مسببا عنه، فوضع المسبب موضع السبب، ويجوز أن يكون معنى: "وإما تعرضن عنهم"; وإن لم تنفعهم ولم ترفع خصاصتهم لعدم الاستطاعة، ولا يريد الإعراض بالوجه كناية بالإعراض عن ذلك; لأن من أبى أن يعطي: أعرض بوجهه، يقال: يسر الأمر وعسر، مثل سعد الرجل ونحس فهو مفعول، وقيل: معناه: فقل لهم رزقنا الله وإياكم من فضله، على أنه دعاء لهم ييسر [ ص: 514 ] عليهم فقرهم، كأن معناه: قولا ذا ميسور، وهو اليسر، أي: دعاء فيه يسر.