اللغو : فضول الكلام وما لا طائل تحته ، ، وفيه تنبيه ظاهر على ؛ حيث نزه الله عنه الدار التي لا تكليف فيها ، وما أحسن قوله سبحانه : وجوب تجنب اللغو واتقائه وإذا مروا باللغو مروا كراما [الفرقان : 72 ] ، وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين [القصص : 55 ] ، نعوذ بالله من اللغو والجهل والخوض فيما لا يعنينا ، أي : إن كان تسليم بعضهم على بعض أو تسليم الملائكة عليهم لغوا ، فلا يسمعون لغوا إلا ذلك ، فهو من وادي قوله [من الطويل ] :
ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم بهن فلول من قراع الكتائب
أو لا يسمعون فيها إلا قولا يسلمون فيه من العيب والنقيصة ، على الاستثناء المنقطع ؛ أو لأن معنى : السلام هو : الدعاء بالسلامة ، ودار السلام : هي دار السلامة ، وأهلها عن الدعاء بالسلامة أغنياء ، فكان ظاهره من باب اللغو وفضول الحديث ، [ ص: 35 ] لولا ما فيه من فائدة الإكرام .
من الناس من يأكل الوجبة ، ومنهم من يأكل متى وجد -وهي عادة المنهومين ، ومنهم من يتغدى ويتعشى- وهي العادة الوسطى المحمودة ، ولا يكون ثم ليل ولا نهار ، ولكن على التقدير ؛ ولأن المتنعم عند العرب من وجد غداء وعشاء ، وقيل : أراد دوام الرزق ودروره ، كما تقول : أنا عند فلان صباحا ومساء وبكرة وعشيا ، يريد : الديمومة ، ولا تقصد الوقتين المعلومين .