وصفت "الموازين " : بالقسط ، وهو العدل ؛ مبالغة ، كأنها في أنفسها قسط ، أو على حذف المضاف ، أي : ذوات القسط ، واللام في "ليوم القيامة " : مثلها في قولك : جئته لخمس ليال خلون من الشهر ؛ ومنه بيت [من الطويل ] : النابغة
ترسمت آيات لها فعرفتها لستة أعوام وذا العام سابع
وقيل : لأهل يوم القيامة ، أي لأجلهم .
فإن قلت : ما المراد بوضع الموازين ؟
قلت : فيه قولان :
أحدهما : إرصاد الحساب السوي ، والجزاء على حسب الأعمال بالعدل والنصفة ، من غير أن يظلم عباده مثقال ذرة ، فمثل ذلك بوضع الموازين لتوزن بها الموزونات .
[ ص: 149 ] والثاني : أنه يضع الموازين الحقيقية ويزن بها الأعمال ، عن : هو ميزان له كفتان ولسان ، ويروى : أن الحسن داود -عليه السلام- سأل ربه أن يريه الميزان ، فلما رآه غشي عليه ، ثم أفاق فقال : يا إلهي ، من الذي يقدر أن يملأ كفته حسنات ، فقال : يا داود ، إني إذا رضيت عن عبدي ملأتها بتمرة .
فإن قلت : كيف توزن الأعمال وإنما هي أعراض ؟
قلت : فيه قولان :
أحدهما : توزن صحائف الأعمال .
والثاني : تجعل في كفة الحسنات جواهر بيض مشرقة ، وفي كفة السيئات جواهر سود مظلمة ، وقرئ : " مثقال حبة " على " كان" التامة ؛ كقوله تعالى : وإن كان ذو عسرة [البقرة : 280 ] ، وقرأ ابن عباس : "أتينا بها " ، وهي مفاعلة من الإتيان ، بمعنى : المجازاة والمكافأة ؛ لأنهم أتوه بالأعمال وأتاهم بالجزاء ، وقرأ ومجاهد حميد : "أثبنا بها " : من الثواب ، وفي حرف : "جئنا بها " ، وأنث ضمير المثقال ؛ لإضافته إلى الحبة ؛ كقولهم : ذهبت بعض أصابعه ، أي : آتيناهما . أبي