[ ص: 213 ] يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون
للذكر شأن ليس لغيره من الطاعات ، وفي هذه السورة دلالات على ذلك ، فمن ثمة دعا المؤمنين أولا إلى الصلاة التي هي ذكر خالص ، ثم إلى العبادة بغير الصلاة كالصوم والحج والغزو ، ثم عم بالحث على سائر الخيرات . وقيل : كان الناس أول ما أسلموا يسجدون بلا ركوع ويركعون بلا سجود ، فأمروا أن تكون صلاتهم بركوع وسجود ، وقيل : معنى : واعبدوا ربكم : اقصدوا بركوعكم وسجودكم وجه الله ، وعن في قوله : ابن عباس وافعلوا الخير : صلة الأرحام ومكارم الأخلاق ، لعلكم تفلحون أي : افعلوا هذا كله وأنتم راجون للفلاح طامعون فيه ، غير مستيقنين ولا تتكلوا على أعمالكم ، وعن -رضي الله عنه- قال : قلت : يا رسول الله في سورة الحج سجدتان ؟ قال : "نعم ، إن لم تسجدهما ، فلا تقرأهما" عقبة بن عامر وعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- فضلت سورة الحج بسجدتين ، وبذلك احتج -رضي الله عنه- فرأى سجدتين في سورة الحج ، الشافعي وأصحابه -رضي لله عنهم- لا يرون فيها إلا سجدة واحدة ؛ لأنهم يقولون : قرن السجود بالركوع ؛ فدل ذلك على أنها سجدة صلاة لا سجدة تلاوة . وأبو حنيفة