أفمن وعدناه وعدا حسنا فهو لاقيه كمن متعناه متاع الحياة الدنيا ثم هو يوم القيامة من المحضرين
هذه الآية تقرير وإيضاح للتي قبلها . والوعد الحسن : الثواب ؛ لأنه منافع دائمة على وجه التعظيم والاستحقاق ، وأي شيء أحسن منها ، ولذلك سمى الله الجنة بالحسنى . و "لاقيه" كقوله تعالى : ولقاهم نضرة وسرورا [الإنسان : 11 ] ، وعكسه فسوف يلقون غيا [مريم : 59 ] . من المحضرين من الذين أحضروا النار . ونحوه : لكنت من المحضرين [ ص: 518 ] [الصافات : 57 ] ، فكذبوه فإنهم لمحضرون قيل : نزلت في رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبي جهل . وقيل : في علي وحمزة وأبي جهل . وقيل : في عمار بن ياسر والوليد بن المغيرة . فإن قلت : فسر لي الفاءين وثم ، وأخبرني عن مواقعها . قلت : قد ذكر في الآية التي قبلها متاع الحياة الدنيا وما عند الله وتفاوتهما ، ثم عقبه بقوله : أفمن وعدناه على معنى : أبعد هذا التفاوت الظاهر يسوي بين أبناء الآخرة وأبناء الدنيا ، فهذا معنى الفاء الأولى وبيان موقعها . وأما الثانية فللتسبيب ؛ لأن لقاء الموعود مسبب عن الوعد الذي هو الضمان في الخير . وأما " ثم" فلتراخي حال الإحضار عن حال التمتيع ، لا لتراخي وقته عن وقته . وقرئ : "ثم هو" بسكون الهاء ، كما قيل عضد في عضد ، تشبيها للمنفصل بالمتصل . وسكون الهاء في : فهو ، وهو ، ولهو : أحسن ؛ لأن الحرف الواحد لا ينطق به وحده فهو كالمتصل .