كم أهلكنا وعيد لذوي العزة والشقاق "فنادوا " فدعوا واستغاثوا ، وعن . فنادوا بالتوبة "ولات " هي لا المشبهة بليس ، زيدت عليها تاء التأنيث كما زيدت على رب ، وثم للتوكيد ، وتغير بذلك حكمها ، حيث لم تدخل إلا على الأحيان ولم يبرز إلا أحد مقتضيها : إما الاسم وإما الخبر ، وامتنع بروزهما جميعا ، وهذا مذهب الحسن الخليل . وعند وسيبويه : أنها لا النافية للجنس زيدت عليها التاء ، وخصت بنفى الأحيان . و الأخفش حين مناص منصوب بها ، كأنك قلت : ولا حين مناص لهم . وعنه : أن ما ينتصب بعده بفعل مضمر ، أي : ولا أرى حين مناص ، ويرتفع بالابتداء ، أي : ولا حين مناص كائن لهم ، وعندهما أن : النصب على : ولات الحين حين مناص ، أي : وليس الحين حين مناص ، والرفع على ولات حين مناص حاصلا لهم . وقرئ : (حين مناص ) بالكسر ، ومثله قول أبي زبيد الطائي [من الخفيف ] :
طلبوا صلحنا ولات أوان فأجبنا أن لات حين بقاء
[ ص: 242 ] فإن قلت : وما وجه الكسر في أوان ؟ قلت : شبه بإذ في قوله : وأنت إذ صحيح ، في أنه زمان قطع منه المضاف إليه وعوض التنوين ; لأن الأصل : ولات أوان صلح . فإن قلت : فما تقول في حين مناص والمضاف إليه قائم ؟ قلت : نزل قطع المضاف إليه من مناص ; لأن أصله حين مناصهم منزلة قطعه من حين ; لاتخاذ المضاف والمضاف إليه ، وجعل تنوينه عوضا من الضمير المحذوف ، ثم بنى الحين لكونه مضافا إلى غير متمكن . وقرئ : (ولات ) بكسر التاء على البناء ، كجير . فإن قلت : كيف يوقف على لات ؟ قلت : يوقف عليها بالتاء ، كما يوقف على الفعل الذي يتصل به تاء التأنيث . وأما فيقف عليها بالهاء كما يقف على الأسماء المؤنثة . وأما قول الكسائي أبي عبيد : إن التاء داخلة على حين فلا وجه له . واستشهاده بأن التاء ملتزقة بحين في الإمام لا متشبث به ، فكم وقعت في المصحف أشياء خارجة عن قياس الخط . والمناص : المنجا والفوت . يقال : ناصه ينوصه إذا فاته ، واستناص : طلب المناص . قال حارثة بن بدر [من الكامل ] :
غمر الجراء إذا قصرت عنانه بيدي استناص ورام جري المسحل