ذو الأوتاد أصله من ثبات البيت المطنب بأوتاده ، قال [من البسيط ] :
والبيت لا يبتنى إلا على عمد ولا عماد إذا لم ترس أوتاد
فاستعير لثبات العز والملك واستقامة الأمر ، كما قال الأسود [من الكامل ] :
في ظل ملك ثابت الأوتاد
[ ص: 247 ] وقيل : كان يشبح المعذب بين أربع سوار ، كل طرف من أطرافه إلى سارية مضروب فيه وتد من حديد ، ويتركه حتى يموت . وقيل : كان يمده بين أربعة أوتاد في الأرض ويرسل عليه العقارب والحيات . وقيل : كانت له أوتاد وحبال يلعب بها بين يديه أولئك الأحزاب قصد بهذه الإشارة الإعلام بأن الأحزاب الذين جعل الجند المهزوم ومنهم هم هم ، وأنهم هم الذين وجد منهم التكذيب . ولقد ذكر تكذيبهم أولا في الجملة الخبرية على وجه الإبهام ، ثم جاء بالجملة الاستثنائية فأوضحه فيها : بأن كل واحد من الأحزاب كذب جميع الرسل ; لأنهم إذا كذبوا واحدا منهم فقد كذبوهم جميعا . وفى تكرير التكذيب وإيضاحه بعد إبهامه ، والتنويع في تكريره بالجملة الخبرية أولا وبالاستثنائية ثانيا ، وما في الاستثنائية من الوضع على وجه التوكيد والتخصيص أنواع من المبالغة المسجلة عليهم باستحقاق أشد العقاب أو أبلغه ، ثم قال : فحق عقاب أي : فوجب لذلك أن أعاقبهم حق عقابهم "هؤلاء " أهل مكة . ويجوز أن يكون إشارة إلى جميع الأحزاب ; لاستحضارهم بالذكر ، أو لأنهم كالحضور عند الله . والصيحة : النفخة ما لها من فواق [ ص: 248 ] وقرئ بالضم : (ما لها من توقف مقدار فواق ) ، وهو ما بين حلبتي الحالب ورضعتي الراضع ، يعني : إذا جاء وقتها لم تستأخر هذا القدر من الزمان ، كقوله تعالى : فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة [النحل : 61 ] وعن : ما لها من رجوع وترداد ، من أفاق المريض إذا رجع إلى الصحة . وفواق الناقة : ساعة ترجع الدر إلى ضرعها ، يريد : أنها نفخة واحدة فحسب لا تثنى ولا تردد . ابن عباس