فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده وكفرنا بما كنا به مشركين فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا سنت الله التي قد خلت في عباده وخسر هنالك الكافرون
البأس: شدة العذاب. ومنه قوله تعالى: بعذاب بئيس [الأعراف: 165]. فإن قلت: أي فرق بين قوله تعالى: فلم يك ينفعهم إيمانهم وبينه لو قيل: فلم ينفعهم إيمانهم؟ قلت: هو من كان في نحو قوله: ما كان لله أن يتخذ من ولد [مريم: 35] والمعنى: فلم يصح ولم يستقم أن ينفعهم إيمانهم. فإن قلت: كيف ترادفت هذه الفاآت؟ قلت: أما قوله تعالى: فما أغنى عنهم [غافر: 82] فهو نتيجة قوله: كانوا أكثر منهم [غافر: 82] وأما قوله: فلما جاءتهم رسلهم بالبينات [غافر: 83] فجار مجرى البيان والتفسير، لقوله تعالى: فما أغنى عنهم [غافر: 82] كقولك: رزق زيد المال فمنع المعروف فلم يحسن إلى الفقراء. وقوله: فلما رأوا بأسنا تابع لقوله: فلما جاءتهم [غافر: 83] كأنه قال: فكفروا فلما رأوا بأسنا آمنوا، وكذلك: فلم يك ينفعهم إيمانهم تابع لإيمانهم لما رأوا بأس الله. سنت الله بمنزلة وعد الله [النساء: 95] وما أشبهه من المصادر المؤكدة. و "هنالك" مكان مستعار للزمان، أي: وخسروا وقت رؤية البأس، وكذلك قوله: وخسر هنالك المبطلون [غافر: 78] بعد قوله: جاء أمر الله قضي بالحق وخسر هنالك [غافر: 78] أي: وخسروا وقت مجيء أمر الله، أو وقت القضاء بالحق.
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قرأ سورة المؤمن لم يبق روح نبي ولا صديق ولا شهيد ولا مؤمن إلا صلى عليه واستغفر له".