فإن قلت: فما وجوه القراآت الثلاث في "ويعلم"؟ قلت: أما الجزم فعلى ظاهر العطف، وأما الرفع فعلى الاستئناف، وأما النصب فللعطف على تعليل محذوف تقديره: لينتقم منهم ويعلم الذين يجادلون، ونحوه في العطف على التعليل المحذوف غير عزيز في القرآن، ومنه قوله تعالى: ولنجعله آية للناس [مريم: 21] وقوله تعالى: وخلق الله السماوات والأرض بالحق ولتجزى كل نفس بما كسبت [الجاثية: 22]، وأما قول : النصب على إضمار أن; لأن قبلها جزاء، تقول: ما تصنع أصنع مثله وأكرمك وإن شئت وأكرمك، على تأويل: وأنا أكرمك. وإن شئت وأكرمك جزما، ففيه نظر لما أورده الزجاج في كتابه. قال: واعلم أن النصب بالفاء والواو في قوله: إن تأتني آتك وأعطيك: ضعيف، وهو نحو من قوله [من الوافر]: سيبويه
وألحق بالحجاز فأستريحا
فهذا يجوز، وليس بحد الكلام ولا وجهه، إلا أنه في الجزاء صار أقوى قليلا; لأنه ليس بواجب أنه يفعل، إلا أن يكون من الأول فعل، فلما ضارع الذي لا يوجبه كالاستفهام ونحوه: أجازوا فيه هذا على ضعفه، ا هـ. ولا يجوز أن تحمل القراءة المستفيضة على وجه ضعيف ليس بحد الكلام ولا وجهه، ولو كانت من هذا الباب لما [ ص: 415 ] أخلى منها كتابه، وقد ذكر نظائرها من الآيات المشكلة. فإن قلت: فكيف يصح المعنى على جزم "ويعلم"؟ قلت: كأنه قال: أو إن يشأ يجمع بين ثلاثة أمور: هلاك قوم ونجاة قوم وتحذير آخرين. سيبويه من محيص من محيد عن عقابه.