[ ص: 608 ] سورة الذاريات
مكية وآياتها 60 [نزلت بعد الأحقاف]
بسم الله الرحمن الرحيم
والذاريات ذروا فالحاملات وقرا فالجاريات يسرا فالمقسمات أمرا إنما توعدون لصادق وإن الدين لواقع
"والذريات" الرياح لأنها تذور التراب وغيره. قال الله تعالى: تذروه الرياح [الكهف: 45] وقرئ بإدغام التاء في الذال فالحاملات وقرا السحاب; لأنها تحمل المطر. وقرئ: (وقرا) بفتح الواو على تسمية المحمول بالمصدر، أو على إيقاعه موقع حملا فالجاريات يسرا الفلك. ومعنى "يسرا": جريا ذا يسر، أي: ذا سهولة فالمقسمات أمرا الملائكة; لأنها تقسم الأمور من الأمطار والأرزاق وغيرها، أو تفعل التقسيم مأمورة بذلك. وعن : تتولى تقسيم أمر العباد: مجاهد جبريل للغلظة، وميكائيل للرحمة. وملك الموت لقبض الأرواح، وإسرافيل للنفخ. وعن أنه قال وهو على المنبر: سلوني قبل أن لا تسألوني، ولن تسألوا بعدي مثلي، فقام علي رضي الله عنه ابن الكواء فقال: ما الذريات ذروا؟ قال: الرياح. قال: فالحاملات وقرا؟ قال السحاب. قال: فالجاريات يسرا؟ قال: الفلك. قال فالمقسمات أمرا؟ قال: الملائكة وكذا عن . [ ص: 609 ] وعن ابن عباس (المقسمات) السحاب، يقسم الله بها أرزاق العباد، وقد حملت على الكواكب السبعة، ويجوز أن يراد: الرياح لا غير; لأنها تنشئ السحاب وتقله وتصرفه، وتجري في الجو جريا سهلا، وتقسم الأمطار بتصريف السحاب. فإن قلت: ما معنى الفاء على التفسيرين؟ قلت: أما على الأول فمعنى التعقيب فيها أنه تعالى أقسم بالرياح، فبالسحاب الذي تسوقه، فبالفلك التي تجريها بهبوبها، فبالملائكة التي تقسم الأرزاق بإذن الله من الأمطار وتجارات البحر ومنافعه. وأما على الثاني، فلأنها تبتدئ بالهبوب، فتذروا التراب والحصباء، فتنقل السحاب، فتجري في الجو باسطة له فتقسم المطر الحسن إنما توعدون جواب القسم، وما موصولة أو مصدرية، والموعود: البعث. ووعد صادق: كعيشة راضية. والدين: الجزاء. والواقع: الحاصل.