وهذا كتاب أنـزلناه مبارك فاتبعوه واتقوا لعلكم ترحمون أن تقولوا إنما أنـزل الكتاب على طائفتين من قبلنا وإن كنا عن دراستهم لغافلين أو تقولوا لو أنا أنـزل علينا الكتاب لكنا أهدى منهم فقد جاءكم بينة من ربكم وهدى ورحمة فمن أظلم ممن كذب بآيات الله وصدف عنها سنجزي الذين يصدفون عن آياتنا سوء العذاب بما كانوا يصدفون
أن تقولوا : كراهة أن تقولوا على طائفتين " : يريدون أهل التوراة ، وأهل الإنجيل وإن كنا هي إن المخففة من الثقيلة ، واللام هي الفارقة بينها وبين النافية ، والأصل : وإنه كنا عن دراستهم غافلين ، على أن الهاء ضمير الشأن عن دراستهم : عن قراءتهم ، أي : لم نعرف مثل دراستهم لكنا أهدى منهم : لحدة أذهاننا ، وثقابة أفهامنا ، وغزارة حفظنا لأيام العرب ، ووقائعها ، وخطبها ، وأشعارها ، وأسجاعها ، وأمثالها ، على أنا أميون .
[ ص: 415 ] وقرئ : "أن يقولوا" أو "يقولوا" ، بالياء فقد جاءكم بينة من ربكم : تبكيت لهم ، وهو على قراءة من قرأ : " يقولوا " على لفظ الغيبة أحسن ; لما فيه من الالتفات ، والمعنى : إن صدقتكم فيما كنتم تعدون من أنفسكم ، فقد جاءكم بينة من ربكم ، فحذف الشرط ، وهو من أحاسن الحذوف فمن أظلم ممن كذب بآيات الله : بعد ما عرف صحتها وصدقها ، أو تمكن من معرفة ذلك وصدف عنها : الناس فضل وأضل سنجزي الذين يصدفون عن آياتنا سوء العذاب ; كقوله : الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله زدناهم عذابا فوق العذاب [النحل : 88] .