فلما استيأسوا منه خلصوا نجيا قال كبيرهم ألم تعلموا أن أباكم قد أخذ عليكم موثقا من الله ومن قبل ما فرطتم في يوسف فلن أبرح الأرض حتى يأذن لي أبي أو يحكم الله لي وهو خير الحاكمين
[ ص: 173 ] فلما استيأسوا منه يئسوا من يوسف وإجابته إياهم ، وزيادة السين والتاء للمبالغة . خلصوا انفردوا واعتزلوا . نجيا متناجين ، وإنما وحده لأنه مصدر أو بزنته كما قيل هو صديق ، وجمعه أنجية كندي وأندية . قال كبيرهم في السن وهو روبيل ، أو في الرأي وهو شمعون وقيل يهوذا . ألم تعلموا أن أباكم قد أخذ عليكم موثقا من الله عهدا وثيقا ، وأنما جعل حلفهم بالله موثقا منه لأنه بإذن منه وتأكيد من جهته .
ومن قبل ومن قبل هذا . ما فرطتم في يوسف قصرتم في شأنه ، و ما مزيدة ويجوز أن تكون مصدرية في موضع النصب بالعطف على مفعول تعلموا ، ولا بأس بالفصل بين العاطف والمعطوف بالظرف ، أو على اسم أن وخبره في يوسف أو (من قبل) أو الرفع بالابتداء والخبر (من قبل) وفيه نظر ، لأن قبل إذا كان خبرا أو صلة لا يقطع عن الإضافة حتى لا ينقص وأن تكون موصولة أي : ما فرطتموه بمعنى ما قدمتموه في حقه من الجناية ومحله ما تقدم . فلن أبرح الأرض فلن أفارق أرض مصر . حتى يأذن لي أبي في الرجوع . أو يحكم الله لي أو يقضي لي بالخروج منها ، أو بخلاص أخي منهم أو بالمقاتلة معهم لتخليصه .
روي : أنهم كلموا العزيز في إطلاقه فقال روبيل : أيها الملك والله لتتركنا أو لأصيحن صيحة تضع منها الحوامل ، ووقفت شعور جسده فخرجت من ثيابه فقال يوسف عليه السلام لابنه : قم إلى جنبه فمسه ، وكان بنو يعقوب عليه السلام إذا غضب أحدهم فمسه الآخر ذهب غضبه . فقال روبيل من هذا إن في هذا البلد لبزرا من بزر يعقوب .
وهو خير الحاكمين لأن حكمه لا يكون إلا بالحق .