ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا يا ويلتى ليتني لم أتخذ فلانا خليلا لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني وكان الشيطان للإنسان خذولا
( ويوم يعض الظالم على يديه ) من فرط الحسرة ، وعض اليدين وأكل البنان وحرق الأسنان ونحوها كنايات عن الغيظ والحسرة لأنها من روادفهما ، والمراد بـ ( الظالم ) الجنس . وقيل عقبة بن أبي معيط كان يكثر مجالسة النبي صلى الله عليه وسلم ، فدعاه إلى ضيافته فأبى أن يأكل من طعامه حتى ينطق بالشهادتين ففعل ، وكان أبي بن خلف صديقه فعاتبه وقال صبأت فقال : لا ، ولكن آلى أن لا يأكل من طعامي وهو في بيتي فاستحيت منه [ ص: 123 ]
فشهدت له ، فقال لا أرضى منك إلا أن تأتيه فتطأ قفاه وتبزق في وجهه ، فوجده ساجدا في دار الندوة ففعل ذلك ، فقال عليه الصلاة والسلام : لا ألقاك خارجا من مكة إلا علوت رأسك بالسيف ، فأسر يوم بدر فأمر عليا فقتله وطعن أبيا بأحد في المبارزة فرجع إلى مكة ومات .
( يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا ) طريقا إلى النجاة أو طريقا واحدا وهو طريق الحق ولم تتشعب بي طرق الضلالة .
( يا ويلتى ) وقرئ بالياء على الأصل . ( ليتني لم أتخذ فلانا خليلا ) يعني من أضله وفلان كناية عن الأعلام كما أن هنا كناية عن الأجناس .
( لقد أضلني عن الذكر ) عن ذكر الله أو كتابه أو موعظة الرسول ، أو كلمة الشهادة . ( بعد إذ جاءني ) وتمكنت منه . ( وكان الشيطان ) يعني الخليل المضل أو إبليس لأنه حمله على مخالته ومخالفة الرسول ، أو كل من تشيطن من جن وإنس . ( للإنسان خذولا ) يواليه حتى يؤديه إلى الهلاك ثم يتركه ولا ينفعه ، فعول من الخذلان .