فلما جاءها نودي أن بورك من في النار ومن حولها وسبحان الله رب العالمين يا موسى إنه أنا الله العزيز الحكيم
( فلما جاءها نودي أن بورك ) أي ( بورك ) فإن النداء فيه معنى القول ، أو بـ ( أن بورك ) على أنها مصدرية أو مخففة من الثقيلة ، والتخفيف وإن اقتضى التعويض بلا أو قد أو السين أو سوف لكنه دعاء وهو يخالف غيره في أحكام كثيرة . ( من في النار ومن حولها ) ( من ) في مكان ( النار ) وهو البقعة المباركة المذكورة في قوله تعالى : ( نودي من شاطئ الواد الأيمن في البقعة المباركة ) ومن حول مكانها والظاهر أنه عام في كل من في تلك الأرض ، وفي ذلك الوادي وحواليها من أرض الشام الموسومة بالبركات لكونها مبعث الأنبياء وكفاتهم أحياء وأمواتا وخصوصا تلك البقعة التي كلم الله فيها موسى . وقيل المراد موسى والملائكة الحاضرون ، وتصدير الخطاب بذلك بشارة بأنه قد قضى له أمر عظيم تنتشر بركته في أقطار الشأم .
( وسبحان الله رب العالمين ) من تمام ما نودي به لئلا يتوهم من سماع كلامه تشبيها وللتعجيب من عظمة ذلك الأمر ، أو تعجب من موسى لما دهاه من عظمته .
( يا موسى إنه أنا الله ) الهاء للشأن و ( أنا الله ) جملة مفسرة له ، أو للمتكلم و ( أنا ) خبره و ( الله ) بيان له . ( العزيز الحكيم ) صفتان لله ممهدتان لما أراد أن يظهره ، يريد أنا القوي القادر على ما يبعد من الأوهام كقلب العصا حية الفاعل كل ما أفعله بحكمة وتدبير .