لو أراد الله أن يتخذ ولدا لاصطفى مما يخلق ما يشاء سبحانه هو الله الواحد القهار خلق السماوات والأرض بالحق يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى ألا هو العزيز الغفار
[ ص: 37 ] لو أراد الله أن يتخذ ولدا كما زعموا لاصطفى مما يخلق ما يشاء إذ لا موجود سواه إلا وهو مخلوقه لقيام الدلالة على امتناع وجود واجبين ووجوب استناد ما عدا الواجب إليه، ومن البين أن المخلوق لا يماثل الخالق فيقوم مقام الوالد له ثم قرر ذلك بقوله: سبحانه هو الله الواحد القهار فإن الألوهية الحقيقية تتبع الوجوب المستلزم للوحدة الذاتية، وهي تنافي المماثلة فضلا عن التوالد لأن كل واحد من المثلين مركب من الحقيقة المشتركة، والتعين المخصوص والقهارية المطلقة تنافي قبول الزوال المحوج إلى الولد، ثم استدل على ذلك بقوله:
خلق السماوات والأرض بالحق يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل يغشى كل واحد منهما الآخر كأنه يلفه عليه لف اللباس باللابس، أو يغيبه به كما يغيب الملفوف باللفافة، أو يجعله كارا عليه كرورا متتابعا تتابع أكوار العمامة. وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى هو منتهى دوره أو منقطع حركته. ألا هو العزيز القادر على كل ممكن الغالب على كل شيء. الغفار حيث لم يعاجل بالعقوبة وسلب ما في هذه الصنائع من الرحمة وعموم المنفعة.