خلقكم من نفس واحدة ثم جعل منها زوجها وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج يخلقكم في بطون أمهاتكم خلقا من بعد خلق في ظلمات ثلاث ذلكم الله ربكم له الملك لا إله إلا هو فأنى تصرفون
خلقكم من نفس واحدة ثم جعل منها زوجها استدلال آخر بما أوجده في العالم السفلي مبدوءا به من خلق الإنسان لأنه أقرب وأكثر دلالة وأعجب، وفيه على ما ذكره ثلاث دلالات: خلق آدم أولا من غير أب وأم، ثم خلق حواء من قصيراه، ثم تشعيب الخلق الفائت للحصر منهما. وثم للعطف على محذوف هو صفة نفس مثل خلقها أو على معنى واحدة أي من نفس وحدت ثم جعل منها زوجها فشفعها بها، أو على خلقكم لتفاوت ما بين الآيتين، فإن الأولى عادة مستمرة دون الثانية. وقيل: أخرج من ظهره ذريته كالذر ثم خلق منها حواء. وأنزل لكم وقضى أو قسم لكم، فإن قضاياه وقسمه توصف بالنزول من السماء حيث كتبت في اللوح المحفوظ، أو أحدث لكم بأسباب نازلة كأشعة الكواكب والأمطار. من الأنعام ثمانية أزواج ذكرا وأنثى من الإبل والبقر والضأن والمعز. يخلقكم في بطون أمهاتكم بيان لكيفية ما ذكر من الأناسي والأنعام إظهارا لما فيها من عجائب القدرة، غير أنه غلب أولي العقل أو خصهم بالخطاب لأنهم المقصودون. خلقا من بعد خلق حيوانا سويا من بعد عظام مكسوة لحما من بعد عظام عارية من بعد مضغ من بعد علق من بعد نطف. في ظلمات ثلاث ظلمة البطن والرحم والمشيمة، أو الصلب والرحم والبطن.
ذلكم الذي هذه أفعاله. الله ربكم هو المستحق لعبادتكم والمالك. له الملك لا إله إلا هو إذ لا يشاركه في الخلق غيره. فأنى تصرفون يعدل بكم عن عبادته إلى الإشراك.