يوم تبيض وجوه وتسود وجوه فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون وأما الذين ابيضت وجوههم ففي رحمة الله هم فيها خالدون
يوم تبيض وجوه وتسود وجوه نصب بما في لهم من معنى الفعل، أو بإضمار اذكر. وبياض الوجه وسواده كنايتان عن ظهور بهجة السرور وكآبة الخوف فيه. وقيل يوسم أهل الحق ببياض الوجه والصحيفة وإشراق البشرة وسعي النور بين يديه وبيمينه، وأهل الباطل بأضداد ذلك. فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم على إرادة القول أي فيقال لهم أكفرتم، والهمزة للتوبيخ والتعجيب من حالهم، وهم المرتدون أو أهل الكتاب كفروا برسول الله صلى الله عليه وسلم بعد إيمانهم به قبل مبعثه، أو جميع الكفار كفروا بعد ما أقروا به حين أشهدهم على أنفسهم أو تمكنوا من الإيمان بالنظر في الدلائل والآيات. فذوقوا العذاب أمر إهانة. بما كنتم تكفرون بسبب كفركم أو جزاء لكفركم.
وأما الذين ابيضت وجوههم ففي رحمة الله يعني الجنة والثواب المخلد، عبر عن ذلك بالرحمة تنبيها على أن وكان حق الترتيب أن يقدم ذكرهم لكن قصد أن يكون مطلع الكلام ومقطعه حلية المؤمنين وثوابهم. المؤمن وإن استغرق عمره في طاعة الله تعالى لا يدخل الجنة إلا برحمته وفضله، هم فيها خالدون أخرجه مخرج الاستئناف للتأكيد كأنه قيل: كيف يكونون فيها؟ فقال هم فيها خالدون.