وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا
وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء أي إن خفتم أن لا تعدلوا في يتامى النساء إذا تزوجتم بهن، فتزوجوا ما طاب لكم من غيرهن. إذ كان الرجل يجد يتيمة ذات مال وجمال فيتزوجها ضنا بها، فربما يجتمع عنده منهن عدد ولا يقدر على القيام بحقوقهن. أو إن خفتم أن لا تعدلوا في حقوق اليتامى فتحرجتم منها فخافوا أيضا أن لا تعدلوا بين النساء فانكحوا مقدارا يمكنكم الوفاء بحقه، لأن المتحرج من الذنب ينبغي أن يتحرج من الذنوب كلها على ما روي: أنه تعالى لما عظم أمر اليتامى تحرجوا من ولايتهم وما كانوا يتحرجون من تكثير النساء وإضاعتهن فنزلت.
وقيل: كانوا يتحرجون من ولاية اليتامى ولا يتحرجون من الزنى، فقيل لهم إن خفتم أن لا تعدلوا في أمر اليتامى فخافوا الزنى، فانكحوا ما حل لكم.
وإنما عبر عنهن بما ذهابا إلى الصفة أو إجراء لهن مجرى غير العقلاء لنقصان عقلهن، ونظيره أو ما ملكت أيمانكم وقرئ «تقسطوا» بفتح التاء على أن «لا» مزيدة أي إن خفتم أن تجوروا. مثنى وثلاث ورباع معدولة عن أعداد مكررة وهي: ثنتين ثنتين، وثلاثا ثلاثا، وأربعا أربعا. وهي غير منصرفة للعدل والصفة فإنها بنيت صفات وإن كانت أصولها لم تبن لها. وقيل لتكرير العدل فإنها معدولة باعتبار الصفة والتكرير، منصوبة على الحال من فاعل طاب ومعناها: الإذن لكل ناكح يريد الجمع أن ينكح ما شاء من العدد المذكور متفقين فيه ومختلفين كقولك: اقتسموا هذه البدرة درهمين درهمين، وثلاثة ثلاثة، ولو أفردت كان المعنى تجويز الجمع بين هذه الأعداد دون التوزيع ولو ذكرت بأو لذهب تجويز الاختلاف في العدد. فإن خفتم ألا تعدلوا بين هذه الأعداد أيضا. فواحدة فاختاروا أو فانكحوا واحدة وذروا الجمع. وقرئ بالرفع على أنه فاعل محذوف أو خبره تقديره فتكفيكم واحدة، أو فالمقنع واحدة. أو ما ملكت أيمانكم سوى بين الواحدة من الأزواج والعدد من السراري لخفة مؤنهن وعدم وجوب القسم بينهن ذلك أي التقليل منهن أو اختيار الواحدة أو التسري. أدنى ألا تعولوا أقرب من أن لا تميلوا، يقال عال الميزان إذا مال وعال الحاكم إذا جار، وعول الفريضة الميل عن حد السهام المسماة. وفسر بأن لا تكثر عيالكم على أنه من عال الرجل عياله يعولهم إذا مانهم، فعبر عن كثرة العيال بكثرة المؤن على الكناية. ويؤيده قراءة «أن لا تعيلوا» من أعال الرجل إذا كثر عياله، ولعل المراد بالعيال الأزواج وإن أريد الأولاد فلأن التسري مظنة قلة الولد بالإضافة إلى التزوج لجواز العزل فيه كتزوج الواحدة بالإضافة إلى تزوج الأربع.