يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما
يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل بما لم يبحه الشرع كالغصب والربا والقمار. إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم استثناء منقطع أي، ولكن كون تجارة عن تراض غير منهي عنه، أو اقصدوا كون تجارة. وعن تراض صفة لتجارة أي تجارة صادرة عن تراضي المتعاقدين، وتخصيص التجارة من الوجوه التي بها يحل تناول مال الغير، لأنها أغلب وأرفق لذوي المروءات، ويجوز أن يراد بها الانتقال مطلقا.
[ ص: 71 ] وقيل: المراد بالنهي المنع عن صرف المال فيما لا يرضاه الله. وبالتجارة صرفه فيما يرضاه. وقرأ الكوفيون تجارة بالنصب على كان الناقصة وإضمار الاسم أي إلا أن تكون التجارة أو الجهة تجارة. ولا تقتلوا أنفسكم بالبخع كما تفعله جهلة الهند، أو بإلقاء النفس إلى التهلكة. ويؤيده ما روي: تأوله التيمم لخوف البرد فلم ينكر عليه النبي صلى الله عليه وسلم عمرو بن العاص أو بارتكاب ما يؤدي إلى قتلها. أو باقتراف ما يذللها ويرديها فإنه القتل الحقيقي للنفس. وقيل المراد بالأنفس من كان من أهل دينهم، فإن المؤمنين كنفس واحدة. جمع في التوصية بين حفظ النفس والمال الذي هو شقيقها من حيث إنه سبب قوامها استبقاء لهم ريثما تستكمل النفوس، وتستوفي فضائلها رأفة بهم ورحمة كما أشار إليه بقوله: أن إن الله كان بكم رحيما أي أمر ما أمر ونهى عما نهى لفرط رحمته عليكم. وقيل: معناه إنه كان بكم يا أمة محمد رحيما لما أمر بني إسرائيل بقتل الأنفس ونهاكم عنه.