ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث ذلك مثل القوم الذين كذبوا بآياتنا فاقصص القصص لعلهم يتفكرون ساء مثلا القوم الذين كذبوا بآياتنا وأنفسهم كانوا يظلمون
ولو شئنا لرفعناه إلى منازل الأبرار من العلماء . بها بسبب تلك الآيات وملازمتها . ولكنه أخلد إلى الأرض مال إلى الدنيا أو إلى السفالة . واتبع هواه في إيثار الدنيا واسترضاء قومه وأعرض عن مقتضى الآيات ، وإنما علق رفعه بمشيئة الله تعالى ثم استدرك عنه بفعل العبد ، تنبيها على أن المشيئة سبب لفعله الموجب لرفعه وأن عدمه دليل عدمها دلالة انتفاء المسبب على انتفاء سببه ، وأن السبب الحقيقي هو المشيئة وأن ما نشاهده من الأسباب وسائط معتبرة في حصول المسبب من حيث أن المشيئة تعلقت به كذلك ، وكان من حقه أن يقول ولكنه أعرض عنها فأوقع موقعه أخلد إلى الأرض واتبع هواه ، مبالغة وتنبيها على ما حمله عليه وأن حب الدنيا رأس كل خطيئة . فمثله فصفته التي هي مثل في الخسة . كمثل الكلب كصفته في أخس أحواله وهو إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث أي يلهث دائما سواء حمل عليه بالزجر والطرد أو ترك ولم يتعرض له ، بخلاف سائر الحيوانات لضعف فؤاده . واللهث إدلاع اللسان من التنفس الشديد والشرطية في موضع الحال والمعنى : لاهثا في الحالتين ، والتمثيل واقع موقع لازم التركيب الذي هو نفي الرفع ووضع المنزلة للمبالغة والبيان . وقيل لما دعا على موسى صلى الله عليه وسلم خرج لسانه فوقع على صدره وجعل يلهث كالكلب . ذلك مثل القوم الذين كذبوا بآياتنا فاقصص القصص القصة المذكورة على اليهود فإنها نحو قصصهم . لعلهم يتفكرون تفكرا يؤدي بهم إلى الاتعاظ .
ساء مثلا القوم أي مثل القوم ، وقرئ (ساء مثل القوم) على حذف المخصوص بالذم . الذين كذبوا بآياتنا بعد قيام الحجة عليهم وعلمهم بها . وأنفسهم كانوا يظلمون إما أن يكون داخلا في الصلة معطوفا على كذبوا بمعنى : الذين جمعوا بين تكذيب الآيات وظلم أنفسهم ، أو منقطعا عنها بمعنى : وما ظلموا بالتكذيب إلا أنفسهم فإن وباله لا يتخطاها ، ولذلك قدم المفعول .